الإرهاب أساس الأنظمة الاستبداديّة. والمجزرة
صلب الأنظمة العنصرية. ونظام الأسد جمع بين حالتي الاستبداد والعنصريّة؛ فأنشأ نظاما
خاصا به، يتأسس على القتل والترهيب والتخويف والإجرام، ويقوم على التقسيم والتفرقة
ودعم الطائفيّة، ثمّ أضاف إليه قصورا في الرؤية السياسية وغباء في النظرة التاريخيّة،
وفجاجة شرسة ساذجة في خوض المسألة الإعلاميّة. فهل يعتقد نظام عصابات الأسد أن عمليّة
تحصّنه داخل قفص إرهابه وعنصريته وغبائه، سيحميه من السقوط والانهيار، ويمدّه بالصمود
الطويل؟.
صحيح أنّ المجزرة والجريمة، حجر الأساس في
بقاء النظام السوري. وصحيح أنّ الموقف العالمي لايعمل جادا أو صادقا على إسقاط النظام،
بل يتركه حراً طليقا ضمن نطاق نظام الدولة الإرهابية العنصريّة، يقتل كما يشاء ويكذب
كما يشاء. لكنْ، من الخطأ الظن أن المجازر وصمت العالم سيشكلان طوق النجاة للنظام الأسدي
وأعوانه، وسيكونان المصيدة التي تحبس الثورة وتكسر انتفاضة الشعب الثائر.
إنّ المخطط الإرهابي الممنهج المدعوم دوليا،
وبالتحديد من النظام الروسي، كان يعمل منذ عقود على إحكام السيطرة وبسط النفوذ الأسدي
باستعمال المجزرة كمطرقة لدهس إرادة الشعوب وتنفيذ أشكال الهجوم الإجرامي الوقائي وسيلة
دفاع وأمن، واعتماد العصابات الإرهابيّة(أسماء مختلفة للعصابات)، وقوّة العسكرة الأمنيّة
بأدوات الترويع والتخويف الترهيب والبطش والقتل، لتصفية أيّ معارضة شريفة وخنق أي مطلب
شرعيّ شعبي في الحرية والكرامة والعدالة. وليست المجزرة، في تاريخ النظام الأسدي الدموي،
فعلا مؤقتا أو فكرة عابرة، بل سياسة ثابتة تمركزت في كلّ توجهاته؛ فقد أقدم على النظام
على تدوين تاريخ مجزري لفرض سيطرته ونفوذه وإخراس المعارضين وكم الأفواه والإرادات
والحريات، وتصفية كل من يرفض حكمه وينتقد شرعيته. والمجازر التي ارتكبها النظام الأسدي،
ومازال يرتكيها، مخلّفا عشرات الآلاف من من المقتولين والمهجرين والنازحين والمعتقلين
والمفقودين، ربّما قد نجحت مؤقتا وجزئيّاً، في إحكام السيطرة والهيمنة؛ لكنّها وأمام
انتفاضة الشعب السوري ووثبته التحرّريّة والنهضويّة أوهى من أن تنتصر؛ فمخطىء وساذج
وضعيف من يظن أن منطق المجزرة سيؤمّن الحماية والدعم لنظام بشار وعصاباته. الشعب يعصف
به الغضب تدفعه نار الثأر نحو مزيد من التحدي والمقاومة، وسوف يجد أمامه السلاح المناسب
الذي يردّ على القوة بشيء اقوى. الموضوع مسألة وقت، وسوف يحسم الشعب المناضل بعض القضايا
الإشكاليّة والخلافيّة.
حتما سترتفع نسبة المجازر والجرائم؛ لأن النظام
سيقاتل بسلاح الإرهاب الوحشي على أمل أن يحقق نصرا عسكريا في معركته مع الشعب السوري
الثائر.. وسيمدّ حمى هذا السعير، لكل موقع سوري؛ لأنّ عقيدة النظام الأسدي هي الحسم
ببطش القوة العسكرية والأمنية، واعتمادا سياسة التوحش لحماية مصالحه ومصالح مجموعة
مجرمة فاسدة متكالبة على السلطة بالاستعلاء والاستقواء.
لا حلّ مع مجازر النظام الأسدي وعصاباته إلا
تطوير الشعب لأساليب المقاومة والنضال والعصيان ، ورفع مستوى قوة الكفاح المسلّح ليواجه
الاستبداد والإرهاب والمجازر، متمسّكا بثوابته الوطنيّة والمبدأيّة(الحرية، العدالة،
الكرامة)؛ فقد أثبت التاريخ أن الشعب هو القوى العظمى، التي تقهر العروش والسلاطين.
ربما لم نكن، سابقا، مؤهلين ومستعدين لخوض معركة التّحرير؛ لكنّنا الآن مستعدون للتضحية
الكبرى من أجل النصر في المعركة؛ فلكلّ تاريخ لغته ومعناه. وبالإرادة والتحدي يمكن
قهر خطر البطش والوحشيّة . الشعب السوري كسر خوفه، وسيتحرّر قريبا من سفاحيه. وسيقهر
عصر العبوديّة والاستبداد، محقّقا حقّه وقوته، مهما تعاظمت في وجهه المحن واشتدّت عليه
المؤامرات والفتن.
د. سماح هدايا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق