الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-05-15

ســوريا بـعد الأســـد ( 4) – بقلم: د. خالد أحمد الشنتوت


يتخوف بعض السوريين ، وبعض العرب ، من تغيير النظام الأسدي الذي أهلك الحرث والنسل ، في سوريا ولبنان ، وساهم في هلاك العراق ، ولن يتورع عن إلحاق الأذى بأي دولة عربية .... يتخوفون من تغييره ... ويتخوفون من البديل الذي سيحل مكانه ، ويتصورون الفوضى التي حلت بالعراق ، لذلك يخافون من تغيير النظام الأسدي ...

لذلك ومن متابعة مسيرة المعارضة السورية الداخلية والخارجية ، تجمعت لدي معالم واضحة ، وأهداف مؤكدة ، اتفقت عليها فصائل المعارضة السورية ، داخل سوريا وخارجها ، ترسم هذه المعالم والأهداف صورة لسوريا المستقبل ، سوريا ما بعد الأسـد ، سوف أعرضها في هذه الحلقات بإذن الله عز وجل .


موقف الإخوان المسلمين من العلويين في سوريا
( وهذا اجتهاد فردي شخصي وليست الجماعة مسؤولة عنه ).
في أذهـان العـامة ومنهم النظام الأسدي وأزلامـه أن الإخوان المسلمين ، سيقودون حرباً طائفية ينـتقمون فيها من العلويين الذين قتلوا عشـرات الألوف من الشعب السوري  ، والعلويون هم معظم ضباط وضباط صف وجنود سرايا الدفاع ويشكلون أكثر جنود الوحدات الخاصة ؛ وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة قتلت عشرات الألوف من المواطنين السوريين في مجازر لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ، منها على سبيل المثـال لا الحصر ، مجزرة تـدمر (1980) حيث فتحت نيران الرشاشات على السجناء في تدمر ، قتل فيها أكثر من ألف مواطن سـوري من خيرة المواطنين علماًوخبرة ونزاهـة ... ومجازر حماة وأهمها مجزرة (1982) حيث قتل فيها قرابة خمسين ألفاً معظمهم من النساء والأطفال ، ومجزرة جسر الشغور ، وهنانو، ومجازر ريف إدلب وغيرها كثير ...
و اليوم يؤجـج النظام الأسـدي الفتنـة الطائفيـة ، ويحذر الطائفة العلوية من التخلي عن دعم وحماية النظام الأسدي الفاشستي ، ويدعي أن الإخوان المسلمين سينتقمون منهم شـر انتقام ....

وهذا الإدعـاء باطل ، ويجانب الحقيقة ، لأن الإخـوان المسلمين في سـوريا أصدروا المشروع السياسي صيف (2004) ومما جاء فيه أن المواطنة وليس الدين أو العرق أو اللغة  هو أساس التعامل بين المواطنين في سوريا  ، ومعنى ذلك أن العلويين فئـة من الشعب السوري ، لهم ما للشعب السوري من حقوق ، وعليهم ما على الشـعب السوري من واجبات ، فيهم الصالح ، وفيهم الطالح ، ويدعو الإخوان المسلمون في سوريا إلى حكومة ديموقراطية ، وقضاء عـادل ، وتقدم الدعاوى للمحاكم الوطنية التي تحكم بالعدل بين المواطنين ... ولايدعو الإخوان المسلمون إلى الثـأر ، وهو عادة قبلية قديمـة لاتتناسب مع القرن الحادي والعشرين ، إنما تدعو الجماعة إلى القضاء العادل الذي يحكم بالحق ، ويـرد المظالم إلى أصحابها ....

وهذا موقف جماعـة الإخوان المسلمين في سوريا يتلخص في المقابلات التالية للأستاذ علي صدر الدين البيانوني ، المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا ، والذي انتخب للمرة الثالثة مما يـدل على قبول أكثرية أبناء الجماعة لهذا الطـرح الوطني ...
  والمقال الذي يتضمن تلك المقابلة منشور بالإنكليزية على موقع "www.syriacomment.com" الذي يديره الأكاديمي الأمريكي الدكتور جوشوا لانديز ...
يقول الدكتور جوشوا لانديز :
وحين سُئل البيانوني في مقابلة مع (نشرة صادرة عن جامعة جيمس تاون الأمريكية في 11 آب/ أغسطس 2005)، إن كان العلـويون طائفة مهرطقة ( ملحدة ) ؛ أجاب:

"علي البيانوني: لا نميز ضد العلويـين، وطالما قالوا إنهم مسلمون فلا نشكك في ذلك. المشكلة في سورية تبقى سياسية؛ أقلية نخبوية استولت على الدولة وتضطهد الأكثرية".

هنا يقول البيانوني إن الإخوان المسلمين لن يشككوا في صدق انتماء العلويين الإسلامي إذا سموا أنفسهم مسلمين.

وهذه مقابلة للبيانوني مع تلفزيون المستقبل في 31 آب/ أغسطس 2006. نُشرت في أخبار الشرق  وفي موقع صحيفة المستقبل.

يرفض البيـانوني نظرية انزلاق سـورية نحو الحرب الأهلية إذا سقط النظام، مجادلاً بأن العلويين نالوا نصيبهم من الظلم والتعذيب. ويؤكد أن الإخوان لا يفرقون بين المجموعات الطائفية المختلفة في المجتمع السوري. في الواقع، هو يؤكد أن المواطنة هي أساس التعامل المتساوي مع الجميع. ويرفض وصف النظام بأنه بعثـي أو علـوي، معتبراً إياه "نظاماً محكوماً من عائلة".
المقطع المقصود هو:
(وعن إمكانية نشوب حرب أهلية في سورية، قال البيانوني: "لا خوف من حرب أهلية، والنظام هو من أوجد المشكلة"، و العلويون على سبيل المثال نالهم الظلم والتنكيل، نحن لا نميز بين فئات المجتمع السوري على أساس طائفي، بل المواطنة هي الأساس الذي يتعامل على أساسه الجميع. ومن الخطأ أن ننسب النظام إلى حزب البعث أو إلى الطائفة العلوية "فهو حكم عائلي").

(وأكدوا ـ يقصد الإخوان المسملون ) في عام 2004 أنهم يقبلون بلجنة تحقيق قضائية مستقلة تفتح ملف الثمانينات وتحدد المسـؤوليات، والإخـوان مستعدون لتحمّل أية مسـؤولية قد تترتب عليهم أمام القضاء. كما جدد التعبير عن "الألم" لجميع الضحايا الأبريـاء الذين سقطوا من كل الفئات، مشدداً على أن "الدم السوري يجب أن يكون محرماً"، و"النفس البشرية حرمها الله").

مؤشر آخر على مقاربة البيانوني المعتدلة هو:
2- مقابلة البيانوني مع قناة الجزيرة في 17 آب/ أغسطس 2006 (1). يمكن قراءتها على موقع الإخوان المسلمين ،  والعبارة التي تعنينا:

(العلويون في سوريا جزء من نسيج الشعب السوري وهم فئات، فيهم فئات وطنية كثيرة في الماضي والحاضر، النظام الـحالي حاول أن يتمترس خلف الطائفة وحاول أن يجمع الطائفة في مواجهة المجتمع السوري، لكن أعتقد أن هناك فئات كثيرة من الطائفة العلوية هي معارضة وهناك ناس مقموعين من أبناء الطائفة، لذلك أنا أعتقد أن أي عملية تغيير في سوريا قادمة لا بد أن تشترك فيها كل القوى الوطنية وكل مكونات الشعب السوري بمن فيهم أبناء الطائفـة العلويـة).

3- مقابلة البيانوني مع قناة العربية في 29 آب/ أغسطس 2006، يمكن قراءتها على موقع الإخوان المسلمين :  هنا يعرب البيانوني عن تقديره لتنوع المجتمع السوري، ويقول إنه يجب المحافظة على هذا التنوع المفيد. المقطع الذي يعنينا هو:

(نحن نعتقد أن سوريا لكل أبنائها والتنوّع الموجود في سوريا سواء كان تنوّعاً عرقياً أو مذهبياً أو دينياً أو سياسياً ينبغي أن يكون حاضراً وهذا التنوّع له إيجابيات كثيرة، نحن نخشى فقط أن بعض الحاكمين في بلدنا يسخّرون الطائفة العلوية لخدمة مآربهم وهذا أمر حاصل، نحن لا نعتبر الطائفـة كلها مسؤولـة عما يجري، هناك فئة قليلة تتستّر خلف الطائفة وخلف الحزب لتمارس هذه الممارسات القمعية الاستبدادية التي تنتهك حرمات الشعب السوري).

ويتابع الدكتور (جوشوا لانديز ) فيقول :
أعتقد بشدة أن هذا من تأثير السيد خدام. خطاب جماعة الإخوان المسلمين تغير إلى حد بعيد منذ تحالف خدام معها، والسيد خدام سياسي ذكي بالتأكيد.
وهنا زل الدكتور ( جوشوا لانديز   ) وجانب الصواب ، فقد نشـرت جماعة الإخوان المسلمين مشروعها السياسي صيف (2004 ) وتداولته أكثر من ثلاث سنوات ، أي قبل تحالف السيد خدام معها ... وحسب فهمي أن الإسلام نفسـه يفرض علينا ـ كمسلمين ـ أن نتعامل مع أبناء الوطن كمواطنين ، دون النظر إلى دينهم أو قوميتهم ، أو اتجاههم السياسي ، ألم يكن اليهود مواطنين في المدينة المنورة أيام رسول الله r ، وهل عاش اليهود والنصارى وغيرهم أيضاً كمواطنين في الدولة الأموية والعباسية والعثمانية وفي الأندلس ... وبالتالي حق المواطنة محفوظ لكل مواطن يعيش ضمن الوطـن ...

2- ويتابع ( جوشوا لانديز فيقول ) : معروف جيداً أن البيانوني يمثل الشق المعتدل في جماعة الإخوان المسلمين. هناك أعضاء أكثر تشدداً في الإخوان في المقاعد الخلفية. على كل حال؛ فإن إعادة انتخاب البيانوني على رأس الجماعة لفترة ثالثة يُظهر عزم أعضائها مجتمعين على دعم الشق المعتدل.

تحاول جماعة الإخوان المسلمين في سورية - كما ذكرت أعلاه - أن تتخذ موقفاً سياسياً أكثر تناسباً مع ظروف سورية....

وآخر تصريح للأخ علي صدر الدين البيانوني لمحطة المستقبل يوم (9/6/2007) جاء فيه : ( حذر المحامي علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية من الفتنة الطائفية، متهماً النظام السوري ببذرها في البلاد، وأكد أن جميع السوريين هم "إخواننا وشركاؤنا في الوطن".

وقال البيانوني في مقابلة مع قناة "المستقبل" اللبنانية بثتها مساء الأربعاء ضمن برنامج "الاستحقاق" الذي يقدمه الصحفي اللبناني علي حمادة؛ رداً على سؤال عن المخاوف من مشكلة طائفية في سورية: "لم نعرف التمييز الطائفي إلا في ظل هذا النظام".

وأضاف "نحن دعاة مصالحة"، وجودنا مع باقي القوى الوطنية في تحالفات "هو صمام أمان". وأشار إلى أن "النظام كان يتستر خلف الطائفة" العلوية، ولكن السنوات الأخيرة كشفت أن الحكم حكم أسرة أو عصابة متسلطة على الطائفة والشعب والبلد كلها، حسب تعبيره.

وشدد على أن أبناء جميع الأديان والطوائف والأعراق في سورية هم "جميعاً إخواننا وشركاؤنا في الوطن"، ويجب "أن لا نسمح لهذا النظام بنشر بذور الفتنة الطائفية". وأكد أن الشعب السوري بطبيعته يقبل الآخر ويعيش معه) .

وختاماًً أقول تقدمت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا ونضجت في العمل السياسي ، وقدمت طرحاً في مشروعها السياسي (2004) يصلح لدولة ديموقراطية حديثة تشمل جميع مواطنيها ولاتقصي أحداً ... وهذا لايعني إغفال الجرائم التاريخية التي حدثت ، بل لابد من قضاء عادل وقوي ، في دولة ديموقراطية قوية تحاكم المجرمين ، وتقتص منهم ...

ومن أجل سوريا الحرة الديموقراطية ندعو جميع السوريين للعمل معنا ، من أجل الخلاص من النظام الأسدي الفاشستي ...
والله الموفق والهادي إلى سـواء السبيل ....

الدكتور  خالد احمـد الشنتوت              باحث في التربية السياسية   


  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق