الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-04-07

حلفاء النظام السوري واثقون من بقائه .. لماذا ..؟؟ بقلم: فاروق مشوح



بسم الله الرحمن الرحيم
لا نعلم في تاريخ الشعوب المناضلة من أجل حريتها؛ شعبًا عانى مثلما عانى الشعب السوري من أجل نضاله ومطالبه العادلة .. ولا ثورة من ثورات العالم _على مدى التاريخ_ لاقت من الصدّ والإعراض والتشكيك الإقليمي والدولي كما لاقت ثورة الشعب السوري الأعزل؛ على الرغم من اتساع رقعة هذه الثورة وشمولها، أغلب أبناء الوطن حيث غطت معظم الأرض السورية، كما لا تزال صامدة مضحية بلا هوادة ..

       ليس مفهومًا تمامًا .. مثل هذا العداء العنيد، والجفاء الشديد، والإعراض المستعلي المنحاز، من حكومات قريبة وجارة، وقوى دولية صغيرة وكبيرة، واتجاهات إيدولوجية  وزعامات حاكمة أغراضها معروفة وأهدافها مفضوحة؛ لكن عداءها حاقد مرير ..

أمام هذا الكم الهائل من الانحياز إلى جانب الظلم والدفاع عن موجات الطغيان، وتحدي كل قواعد الفكر والمنطق في عناد المسلّمات، ومواجهة صرائح الأشياء، وكسر مواضعات البشر في التفريق بين الحق والباطل، والشر الصارخ، والخير الأبلج الواضح .. فليس مفهومًا تمامًا مثل هذا العداء العنيد، والإعراض القاسي من كل هذه الجهات التي يجمعها كلها مناصرتها البغض الأعمى للشعب السوري، والتعلق الرخيص بالنظام المجرم الفاشل .. التفسيرات في مثل هذه المواقف متباينة، والكثيرون يوردون أسبابًا لا تصل إلى حد الإقناع، وفواعل تتجاوز المعقولات ودواعي تبلبل الأفكار ولا تريح الوجدان ..

       وإلا كيف نفسر الموقف الروسي وروسيا دولة عظمى لها مقعد في مجلس الأمن يخولها الاعتراض على قرار لا توافق عليه فتبطله وتلغيه .. وبهذا الفيتو استطاع الروس ومعهم الصينيون أن يوقفوا أي قرار أممي يضع حدًّا لطغيان النظام السوري وإجرامه .. كان مفهومًا أن يعترض هؤلاء الحلفاء للأسد المهزوم مرة أو ثانية ثم لا بد أن يتفهموا الوضع الذي يطالب به الشعب السوري من حرية وعدل وحياة كريمة .. لقد تحرك هذا الشعب سلميًّا ورفع مطالب تعارفت عليها الشعوب بأنها حق أصيل، ليس لأحد مهما علا شأنه أن يقف دون تعلقه فيها وحياته لها، وإقامة نظامه على أساسها .. لكن الدولة العظمى اشتطت في معاداتها للشعب السوري وهي ترى الدماء تسفك والأرواح تزهق، والنفوس تنتهك، ثم هؤلاء الروس مصرونعلى عدائهم بكل صلف واستكبار .. هل هي مصالح تقدمها الدول الكبرى على المبادئ وقيم الشعوب المتطلعة إلى الانعتاق والتحرر ..!! فأين حقوق الإنسان. وأين قوانين المنظمات الدولية، وأين حرية الشعوب، بل هم يقفون بوجه ذلك جميعًا ويعلنون على الملأ "أن المعارضة لن تهزم النظام السوري حتى لو كانت مدججة بكل أنواع السلاح" ..

       ثم الموقف الإيراني وقد تحدثنا، وتحدث غيرنا عن دوافع هذه الدولة، ومن يسير في ركابها، ومن يحمل أفكارها الطائفية من أمثال حزب الله في لبنان، والمالكي في العراق؛ الذي قال "لم يسقط النظام السوري، ولن يسقط، ولماذا يسقط " .. عجبًا!! فلماذا كل هذا التأبيد؟! أجل، لأن القضية طائفية وهي تعمل في هذا البلد منذ استلامه الحكم في العراق لتعزيز طائفته،وفي ذلك الشعب الذي كان متعايشًا ومسالمًا وعزيزًا، كل ذلك يعمله حكام العراق من أجل عزل الآخرين، ولو أمكن له إفناءهم والخلاص منهم .. الكل يعلم أنهذا الرجل وأمثاله جاء بإرادة أمريكية ولولاها لما كان في موقعه هذا الذي يتصرف فيه كيف يشاء .. لكن انتصار الشعب السوري سوف يحبط كل مخططاته، ويذهب بكل أحلامه، ويلقي بآماله في مكان سحيق ..

       الولايات المتحدة والغرب لم يقدما موقفًا سليمًا صادقًا حتى الآن بالرغم من التصريحات الفضفاضة العامة التي لا تنصر حقًّا، ولا تهزم باطلاً .. ولا يمكن لنا تفسير الموقف الأمريكي والغربي إلا بسبب أمن إسرائيل ومصلحتها التي لا تراها إلا في بقاء النظام السوري الحامي لحدودها، والمطمئن لقادتها، وقد جربته فرأت منه ما يسرها ..

       أما الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية، ويمكن أن يتبعها في هذا السياق الجامعة العربية وأمينها العام .. هذه المنظمات مسيرة من الدول التي تشغل مقاعدها، وتفرض سياساتها .. ولأن الولايات المتحدة والغرب ومعهما روسيا هم أعمدة هذه المنظمات؛ فإنها لا تخرج علينا بأكثر من المبادرة العربية التي فشلت في مهمتها على يد موظف مأجور هو الدابي .. ثم استلمت المهمة المنظمة الدولية التي جاءت بالأمين العام السابق عنان منفذًا جديدًا لمشروع من أول مهامه أن يعطي النظام السوري مهلة جديدة يرتفع فيها أعداد الشهداء من شعبنا الصابر المقهور، وتزداد بسببها مواكب المهاجرين الذين يسجلون كل يوم أرقامًا جديدة في مهاجر أصبحت تضيق بهم .. وبهذه المناسبة لا تسأل عن موقف العرب، ومواقفهم من قضايا شعوبهم، فهم منقادون لسادتهم، ومؤتمرون بأمر غيرهم، ورأيهم ليس من رؤوسهم إلا من رحم ربك ..

       هذا هو قدر الشعب السوري، وتلك حظوظ ثورته الضارية المستمرة التي تعتمد على الله القادر وحسب، فهو نعم الوكيل، وهو كافي هذا الشعب المجاهد من أجل حقه المسلوب، ونيل هدفه المشروع .. إنه الشعب الذي يخوض معركة الشرف، ويسطّر ملاحم المجد، ويعبد الطريق بالشهداء الأبرار، والمناضلين الأحرار، والموفين بعهدهم من الأبرار، فهو يغلي من ثمن الحرية حتى  ينالها_ بإذن الله_ ليذوق حلاوة نصره، وعذوبة تمكينه .. ليس في عنقه منة لأحد، ولا دَيْن إلا لخالقه رب السماوات والأرض الذي أعطاه القوة ومنحه العون، وسدد خطاه على طريق التوفيق، وما النصر إلا من عند الله ...    

12/جمادى/1433هـ
  5/4/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق