يقول الإمام علي كرم الله وجهه: ’’ كنا إذا حمي الوطيس، وعلا
النقع، وأحمرت الحدق، لذنا برسول الله، فلم يكن أحد منا أقرب إلى العـدو منه ’’ فعـندما
يشتد الكرب على المسلمين، أوينكسر الجيش وينكفئ على أعقابه، كان الرسول القائد - صلى
الله عليه وسلم- أكثر الناس ثباتا في المعركة، وها هو الرسول القائد يقول يوم
حنين، وهو ثابت الجأش، ويقف حاجزا أمام الصفوف المنكسرة، وعمه العباس مـمسك بلجام
فرسه، يقول بصوت مرتفع: ’’ إلي.. إلي.. أنا النبي لاكذب أنا ابن عبد المطلب ’’
فرجعت الجموع المنكفئة على أعقابها إليه …
ولاذت به، وقاتلت معه، وانتصر المسلمون آنئذ.
نعم إنها قيادة من الأمام لامن الخلف، إنها قيادة الأسوة
والقدوة، بقلب ثابت مفعم بالإيمان … إنه في الخندق الأمامي … في الصف الأول…يشتكي
أتباعه الجوع، ويكشفون عن بطون معصوبة بحجر، فيكشف لهم عن بطن معصوبة بحجرين.
إن من أهم أسباب النصر سهولة ورشاقة الحركة وسرعة
المناورة والكر والفر والإسراع في إجابة داعي الله للفلاح للنجاح للكفاح للجهاد، لا
التثاقل والتباطؤ والتقاعس، كما يفعل قادة المعارضة والقادة السياسيون الذين يلزم لحركته وتجاوبهم
مع أي موقف على الأرض الأيام والأسابيع، بعد فوات الأوان، فيما يحتاج حسم الموقف
إلى ساعات, إنهم انقلبوا بهذا الزخم من المؤتمرات والندوات، وورش العمل، وتقبيل
اللحى، وتطييب الخواطر، وانسحاب فريق، وانبثاق تحالف آخر, إلى أصحاب جيوب، وأصحاب
مغانم، ومتلمظين لمكاسب، كمن يريد الحصاد من غير حرث، وهم جلهم – إلا مارحم ربي -
في واد وشعبهم الثائر المصابر، الذي طال عليه الأمد في حسم المعركة، في واد آخر، إن
المعارضة بقضها وقضيضها، رغم تأخرها في التلاقي كليا واتفاقها جزئيا على هدف وحيد هو
إسقاط النظام، يختلفون في الآليات، إنهم أكثر مايحتاجون الآن إلى تنسيق الرؤى
وإيمان حقيقي و فعلي بالتحرر والإخلاص لهذه الثورة، فضلا عن المشاركة الحقيقية
فيها، وفي أي موقع ومصير، تلك الثورة التي يدير معاركها فرسان على أرض الميدان، ثوار ذووا قلوب لا جيوب.
إن معارك التحرر الحقيقية تدار في الخنادق وليس من
الفنادق، يقودها شعب ثائرضد نظام جائر, شعب يقاتل جله من أجل حريته ولقمة عيش
كريمة غير مغمسة بالذل ومكركات القائد الملهم، الذي يزيد بعد سنين من الكبت والسلب
والنهب حصة المازوت أو يقلل سعر بيع سلعة اقتصادية محلية الإنتاج والتصنيع.
حديثا قال المخلصون من أبناء هذا الشعب المجاهد المصابر لقادتهم
، مهما كانت صورتهم في الحرب والسلم والسياسة والإقتصاد، ذلك القول الذي ينطق
بالحق والصدق والحسم: ’’ إذا كنت إمامنا فكن أمامنا ’’ فالقيادة من الأمام لامن
الخلف مرة أخرى، والفرق كبير أيضا بين جنود يحملون في جيوبهم أسماء البدريين، لعلهم
ينالون إحدى الحسنيين مثلهم، إنهم أبطالنا في الجيش الحر وجميع الشرفاء الذين
انبروا للدفاع عن الديار والذمار يقاتلون بما استطاعوا إعداده لمواجهة العتاة
الظالمين الفجرة مرتزقة النظام وشبيحته، الذين لا يهمهم إلا إشباع رغباتهم الدنيوية
وملذاتهم، دون أدنى وازع أو ضمير, ولايرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.
إن أبطالنا
الأحرار يقبلون على الله بوجوه باسمة
وضاءة، يقولون ربح البيع مع الله، ويطلبون الموت فتوهب لهم الحياة …أما أولاء
فيقبلون على القتال وكأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون …. لأنهم مرتزقة وأصحاب
جيوب.
إننا اليوم بحاجة إلى بروز أهل القلوب، إلى قادة للمعركة
في جميع القرى والبلدات والمدن، حتى يلتف الناس حولهم، فالناس تحتاج إلى رمز
يقودها وتسير خلفه، وليكن لهم من يخلفهم حتى الدرجة العاشرة من بعدهم، وهم كلهم
مشاريع استشهاد، إذا استشهد الأول أعقبه الثاني ثم الذي يليه، وهذا أقصر الطرق
للنصر، إن تأخر ظهور القيادات في بداية الثورة أربكها كثيرا، واليوم مازالت تحتاج
الثورة إلى قادة أبطال، يضعون الرسول القائد أسوة وقدوة ونبراسا لهم, فنعم الأسوة
والقدوة والقائد محمد صلى الله عليه وسلم.ونعم أصحاب القلوب، وبئس أصحاب الجيوب.
د.محمد وليد حياني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق