الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-04-23

فار التَّنُّور .. وظهر المستور - بقلم: سعد العثمان


الكثير منَّا يعرف قصَّة نبيِّ الله نوح عليه الصَّلاة والسَّلام، والذي لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وظلَّ يدعوهم ليلاً ونهاراً، سرَّاً وإعلاناً، جيلاً بعد جيل، حتَّى قال الله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ هود: 36. عندها دعا نوح على قومه قائلاً: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾نوح: 26 - 27. عند ذلك أمره الله أن يصنع سفينة ضخمة؛ ليركبها هو ومن آمن معه، بالإضافة إلى المخلوقات التى كانت في قريته أثناء نزول العذاب على قومه؛ وكانت آية بداية نزول العذاب هي " فوران التَّنُّور " قال الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾هود: 40.


عندما تمرُّ الشُّعوب بمنعطفات مصيريَّة وحاسمة، لا بدَّ لها من استلهام العبر والدُّروس من تاريخها التَّليد العظيم، متحديةً كلَّ المدلهمات والأخطار المحدقة، والتي تعصف بهم لتشتِّت جمعهم، وتكمِّم أفواههم، وتسحق إرادتهم، وما يحصل الآن لأهلنا في الشَّام الأبيَّة المجاهدة الصَّابرة من ويلات ونكبات، حريٌّ بنا أن نستلهم العبرة من قصص التَّاريخ ورواياته، ونقف بوجه الباطل، مجاهدين مناضلين، آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، فمسألة إسقاط نظام عائلة الأسد، الدَّخيلة على البلد، والتي يعود أصلها إلى أصفهان، فهم يهودٌ مجوسٌ صفويُّون، تقع على عاتق كلِّ الشَّعب، ولا يمكن التَّملُّص منها، فهي ليست مسألة كماليَّة وترفيَّة، بل هي مسألة مصيريَّة، حياة أو موت، نكون أو لا نكون.

لقد انكشف المستور، وفار التَّنُّور، واتَّضحت السُّبل، واستنارت الطُّرق، وعُرفت حقيقة نظام الأسد المقاوم بالثَّرثرة، والممانع بالهمهمة، وفُضحت المجوسيَّة الصَّفويَّة الرَّافضيَّة في إيران ولبنان.

فار التَّنُّور يا أهل الشَّام، ولم يبق لنا إلا التَّوكل على الله، واللَّوذ بجنابه، فهو النَّاصر لنا، والمعين لنا، وكلَّما قطعنا الأمل في مساندة الخلق، واعتمدنا على الواحد الأحد، كلَّما قرب النَّصر، وانزاح الكرب، وأشرق الصُّبح، فإنَّ السبب الحقيقيَّ لتأخُّر النَّصر في الشَّام، هو أنَّه مازال البعض متعلِّقاً بالمخلوق لا بالخالق، وينتظر مساندة الكافر، وعون الظَّالم.

فار التَّنُّور يا أهل الشَّام، فالحقيقة أمامكم أضحت واضحة وضوح الشَّمس في رابعة النَّهار، وأجنحة الكفر الأربعة اجتمعت عليكم: أمريكا الصَّليبيَّة، وإسرائيل الصُّهيونيَّة، وإيران المجوسيَّة الصَّفويَّة، وروسيا والصِّين الإلحاديَّة، إنَّها حربٌ عالميَّةٌ موجَّهة لقتل أهل السُّنَّة والجماعة، ومحاولة منع قيام دولة سنيَّة في أرض سوريَّة المفصليَّة.

فار التَّنُّور يا أهل الشَّام، فأنتم تلاحظون وتشاهدون الحقد الصَّفويَّ المجوسيَّ، الذي تمارسه كتائب الأسد مدعومة من مجوس إيران والعراق ولبنان، تقتِّيل بحقد، وتعذِّيب بحقد، وتهدِّيم للبيوت بحقد، حرق للأنفس والأموال والبيوت والثَّمرات، وإهلاك للحرث والنَّسل، والأخضر واليابس.

فار التَّنُّور يا أهل الشَّام، فنظام الأسد أفسد دينكم ومعتقداتكم، وأصالتكم وعروبتكم، واعتدى على حريمكم وأعراضكم، ولم يبق ولم يذر فضيلة ولا خلقاً ولا قيماً إلا وقتلها، فماذا تنتظرون بعد هذا؟!.

قوموا قومة رجل واحد، وقفوا وقفة رجل ثابت، إلى متى ويوجد في صفِّنا ساكت وصامت؟!. إلى متى ويوجد فينا متردِّد أو مؤيِّد؟!. إلى متى نمكِّن للظَّالم منَّا بفرقتنا وتناحرنا وتنافسنا؟!.  لا تدعوا اليأس يسيطر عليكم، فيتسلَّط المجرمون والفاسدون وعملاء الشَّرق والغرب علينا من جديد، فيعود الحال كما كان عليه: أيام داميات، ونقص في الخدمات، وسلب للخيرات ووعود تترى، وكروش، وعروش، وقروش، وأرامل، وأيتام، وعجائز، وكهول، تضجُّ: الغوث.. الغوث..ولا مغيث فهل ترضون بهذا الضَّياع والفتك والانحدار مرَّة ثانية، فإنَّ الله لا يغيِّر ما بقوم حتَّى يغيِّروا ما بأنفسهم، فلتتَّحد السَّواعد، ولتلتصق المناكب، لثورة وفورة لا تخمد إلا باختيار الأصلح للبلاد والعباد، وكفانا ذلاً وهواناً وضيماً وظلماً..

يا شبيحة وعصابات آل الأسد، لقد فار التَّنُّور، وتعرَّى النَّظام وانكشف، وذاب الثَّلج وبان المرج، والطُّوفان لن ينجو منه أحد إلا من ركب سفينة الثَّورة المباركة، ولن يفيدكم الاستعلاء والمكابرة، والغرور والمراوغة، فنبيُّنا نوح عليه الصَّلاة والسَّلام لم يملك لابنه المخالف له في الرَّأي والعقيدة شيئاً، فأخذه الطُّوفان وهو ينظر إليه، قال الله تعالى: ﴿يا بُنَىَّ ارْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِى إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾هود: 42-43.

النِّظام أوى إلى ركن ضعيف: الباسيج، وأجهزة مخابراته الهشَّة، ووسائل إعلامه الكاذبة، وفتاوى علمائه الركيكة، التَّابعة لملالي إيران، ونصائح أعوانه المخادعة، وجيشه المتخاذل المتهالك. أمَّا ثورتنا فقد أوت إلى ركنين شديدين قويين: الله معها، يؤيِّدها ويؤازرها، وغالبيَّة الشَّعب معها قلباً وقالباً، وهاتان الإرادتان لا تقهران ولا تهزمان: إرادة الله ثمَّ إرادة الشَّعب.

فلن يختلف مصير فشَّار الجزَّار عن مصير ابن نوح، الذي ظنَّ أنَّ الجبل سيعصمه من الماء، فكان من المغرقين!!. ولن يبتعد عن مصير القذافي، الذي قتل في مجاري الصَّرف الصِّحي، وسط الجرذان، وأظنُّ طاغية الشَّام ستكون نهايته مقتولاً في دورة المياه، وسط الجراثيم.

بعد الجرائم المروِّعة التي يقوم بها النِّظام النُّصيري الكافر في سوريَّة، وبعد أن كشَّر الحلف الرَّافضيُّ النُّصيريُّ الصَّليبيُّ عن أنيابه، وأظهر المزيد من شرِّه، وعندما انبعث أشقاهم، بطريرك الموارنة في لبنان، بشارة الرَّاعي، يتكلَّم ويُظهر حقده على أهل السُّنَّة في سوريَّة ولبنان، ويُقِرُّ النِّظام النُّصيريُّ على ما يفعله في حقِّ الشَّعب السُّوري المسلم، بدا واضحاً أنَّ الطُّغاة جميعاً، ماضون في محاربة الشَّعب السُّوري عسكرياً وأمنياً واقتصادياً...، وذلك بعد أن تمهَّدت الطُّرق إلى ذلك، عبر سلسلة طويلة من التَّواطؤ الغربيِّ، والسُّكوت العربيِّ الرَّسميِّ في إنصاف الشَّعب السُّوري، والوقوف معه في معركته التي هي معركة المصير للأمَّة كلِّها.

واليوم، وفي الوقت الذي أُلجِئَ السُّوريون السُّنَّة إلى الوقوف منفردين، في وجه عدوٍّ متغوِّل متجبِّر، مدعومٍ من أعداء آخرين أكثر تغوُّلاً وتجبُّراً، أصبح لزاماً على الأمَّة كلِّها أن تعي أنَّها تمرُّ بمرحلةِ اختبارٍ حاسم، بين أن تكون محلَّ رضا الله عزَّ وجلَّ، أو تكون محلَّ سخطه، أن تكون أهلاً لنصره وتأييده، أو تكون مستحقَّة لحرمانه وخذلانه. فالأمَّة تكون على خطر إذا كانت لا تقيم العدل الذي أمر الله به، والذي قامت عليه السَّماوات والأرض. فليس من العدل في شريعة الله، أن تترك الأمَّة كلُّها مجابهة عدوٍّ غاشمٍ؛ لفئة واحدة وشعب واحد مجاهد صامد!.

وليس من العدل أن يسخو هؤلاء الشُّرفاء بالأرواح والدِّماء، ولا تسمح نفوس الملايين من الأثرياء والأقوياء بيسير بذل أو عطاء!.

ليس عدلاً أن تتكدَّس أرتال السِّلاح في مخازن الجيوش العربيَّة بأموال المسلمين، دون وظيفة تذكر إلا العروض العسكريَّة، في حين لا يزال الأبطال في سوريَّة يواجهون الآلة العسكريَّة بالتَّكبيرات والحناجر. وكثيراً ما نتغنَّى بشهامة الأبطال من الرِّجال والنِّساء والأطفال في سوريَّة، دون أن يسأل أكثرنا نفسه: هل هذا واجبهم وحدهم دوننا؟. أم عليهم التَّضحية وعلينا انتظار الصَّفقات والتَّسويات؟. هل واجبهم الصَّبر والمصابرة، والجهاد والمجاهدة، وواجبنا الفرجة والاستماع، والاكتفاء بالاسترجاع، والحوقلة، والاعتصامات، والخطب؟.

ما أنصفناهم!! لا، بل لم ننصف أنفسنا حين تركناهم للذِّئاب والكلاب، التي ستبدأ بهم ثمَّ تنتهي بمن حولهم! فمواجهة الهجمة الشَّرسة من النِّظام النُّصيريِّ في سوريَّة لا يكفي فيها أن يقال: " البركة في الشَّعب السُّوريِّ "  فشعب سوريَّة المسلم ربَّما لا يستطيع بمفرده إسقاط هذا النِّظام المدعوم من قوى كثيرة.

فأين شباب الأمَّة ورجالها؛ ليهبُّوا لنصرة إخوانهم في سوريَّة؛ بالسِّلاح والعتاد والرِّجال والمال وكلِّ شيء؟!. ألم نشاهد جميعاً الكفر الصُّراح الواضح على لسان جنود هذا النِّظام، وهم يسومون المؤمنين سوء العذاب؟! وما خفي كان أعظم وأشدُّ!!.

ذراع الحقِّ الطَّويلة، متى تثأر؟!.
عندما وصف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الجهاد بأنَّه ذروة سنام الإسلام، فإنَّ ذلك لم يكن إلا لأن تَسَنُّم المسلمين لِقمَّة العزَّة لا يكون إلا بإقامته، وتردِّيهم في مهاوي الذِّلة لا يكون إلا بتركه والتَّنكُّر له، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (إذا تبايعتم بالعينة، واتَّبعتم أذناب البقر، ورضيتم بالزَّرع، وتركتم الجهاد، سلَّط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه عنكم، حتَّى ترجعوا إلى دينكم) رواه أبو داود، وصححه الألباني. فالذُّلُّ لا ينزل إلا بترك الأمَّة للجهاد وخذلانها المجاهدين، وهذا أمر لا يرضاه الله لخير أمَّة أخرجت للنَّاس، بل يرضى لهم رفض الضَّيم، وردُّ العدوان، فالمسلم ينتصر للحقِّ، وينتصر لحَمَلة هذا الحقِّ، وإذا عفا فإنَّما يعفو عمَّن ينفع فيهم العفو، وإذا صفا أو صفح، فلا يصفو أو يصفح إلا عمَّن يجدي فيهم الصَّفو والصَّفح.

أمَّا اليهود والصَّليبيون والنُّصيريون والرَّافضة وأمثالهم فعدوانهم الدَّائم، يستلزم جهاداً دائماً، يردُّ على اعتدائهم باعتداء من جنسه، ومن أصل طبيعته.

آن الأوان أن يكون ردُّ جماعات الجهاد في سوريَّة كبيراً، على المجازر التي تُرتَكَب في حقِّ الشَّعب السُّوري الأعزل، وينبغي أن يُستهدَف أكابر مجرميهم، ليكونوا عبرة لغيرهم.

آن الأوان أن نعاقبهم بمثل ما يعاقبوننا به، وأن نعتدي عليهم بمثل ما اعتدوا علينا، وأن نكون من الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون، والذين يرى الظَّالمون منهم ما كانوا يحذرون.

آن الأوان أن يلغ من قاموسنا في سوريَّة تعبير: مدنيين وعسكريين من الطَّائفة النُّصيريَّة، فقد يكون المدنيُّ أكثر إجراماً وإفساداً وحرباً على المسلمين من بعض كبار العسكريين، إلا إذا ثبت أنَّ هذا المدنيَّ قد أدان النِّظام، وانحاز إلى أهل السُّنَّة.

آن الأوان لأن تأخذ الشُّعوب بزمام المبادرة، بعد أن ظهرت عمالة بعض الأنظمة العربيَّة وبانت، واتَّضحت عمالتهم، وهم فاشلون في أيِّ مشكلة على مستوى الأمَّة.

آن الأوان أن ينحاز أهل السُّنَّة لأهل السُّنَّة في أصل قضايا الجهاد، تاركين القضايا الخلافيَّة التَّطبيقيَّة لتأخذ حقَّها من البحث العلميِّ، والحوار النَّزيه، فأهل السُّنَّة كلُّهم مستهدفون ودماؤهم أصبحت رخيصة.

آن الأوان أن تعي الأمَّة أنَّ لقاء العدو الذي لا تتمنَّاه، ولا ترغب فيه، قد يُفرَضُ عليها فَرْضاً، فالآن ألوية الجهاد مرفوعة في أفغانستان، والعراق، والشِّيشان، وفلسطين، والصُّومال وربَّما غداً في سوريَّة ولبنان، ولا أحد يدري على من تدور الدَّائرة.

إنَّ كلَّ هذا يحتاج إلى إعادة نظر من الأمَّة في رؤيتها للجهاد والمجاهدين، وإعادة نظر لدى المجاهدين أنفسهم إلى طبيعة الجهاد من حيث الأولويات والولاءات والسَّاحات، فالمعركة ستطول .. وتتَّسع .. وتتعقَّد خيوطها، وحَسْمُ قضاياها لا بدَّ أن يبدأ فيه الجميع من الآن، لأنَّنا لا ندري ماذا يحدث غداً؟!.

يا شباب الإسلام.. يا أسود التَّوحيد والسُّنَّة.. شمِّروا عن سواعد الجدِّ، وهبُّوا لنصرة إخوانكم في سوريَّة، وخاصَّة أنتم يا أهل السُّنَّة في لبنان، قفوا إلى جانب إخوانكم في سوريَّة، ولا تنخدعوا بمشايخ " الرِّيموت كنترول " الذين يتحركون بالإشارات من أسيادهم الطَّواغيت، وتحركوا ضمن قيادات المجاهدين، وقادة الجيش الحرِّ، فهم الأخبر والأعرف بحقيقة الأمور...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق