الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-04-26

الثورة السورية والحرب الدينية الخفية - بقلم: د. حسان الحموي


بعد أن نضجت الثورة السورية وتحولت الى الجانب العملي واقتربت من معادلة الكفة، مع كتائب الأسد، نتيجة الانشقاقات الكبيرة في صفوف الجيش السوري وتنامي قوة الجيش السوري الحر،  قفزت الى الواجهة قوى ما يعرف بالتطرف الشيعي الصفوي ؛ في مبادرة منها للحفاظ على توازن القوى والنفوذ في المنطقة، وهذا الدعم وان كان خفيا منذ بداية الثورة إلا أنه اليوم اصبح أوضح من خلال التصريحات العلنية المؤيدة للطاغية والتي وردت على لسان أعلى مرجع ديني في ايران، يسانده في ذلك بعض المعممين الذي اعلنوا الجهاد المقدس الى جانب السلطة الغاشمة في سورية، وفي ظل التقاعس الغربي عن مناصرة الشعب ؛ وغياب المصلحة المباشرة للكثير في فض هذا النزاع بطريقة تضمن حقوق الجميع، فإن الحرب انتقلت اليوم الى ما يسمى الحرب الدينية الخفية على الشعب السوري بعد إضفاء الصبغة السنية عليه، على الرغم من أن الكثير من الذين انخرطوا في الثورة هم من العلمانيين، وأن الناشطين الفاعليين في الساحة السياسية المعارضة هم من بقايا الحزب الشيوعي السوري  ( كمال اللبواني – ميشيل كيلوا – برهان غليون – عارف دليلة – مأمون البني – وغيرهم كثير من صفوف أو مما يسمى سابقا اعلان دمشق)، لكن الطغمة الحاكمة استطاعت اقناع حلفائها أن المد السلفي هو القادم بحكم التركيبة السكانية، وبالتالي فإن اية انتخابات نزيهة سوف تنتج بطبيعة الحال حكم سني على غرار جميع دول الربيع العربي.


 بالأمس قرأت مقال في القدس العربي نقلا عن صحيفة صهيونية ( يديعوت احرنوت) يصف (الصراع في سوريا) "بأنه صراع سني شيعي ضخم يتم التعبير عنه على الارض السورية"، وهو صراع عمره نحو من 1300 سنة كان نائما في مئات سني الدولة العثمانية السنية".

وهذا الكلام تنقصه الدقة والواقعية، إذ أن أكثر ما تعانيه الثورة السورية اليوم هو تخاذل التيار السني الصاعد الى السلطة في اغلب دول الربيع العربي أو دول الخليج العربي عن نصرة اخوانهم السوريين الذين يُسامون سوء العذاب على يد عصابات الغدر الأسدية، في حين الدعم المادي والعسكري والبشري ينهال على هذا الطاغية من كل حدب وصوب سواء من الدول الصفوية الشيعية أو من الدول الاشتراكية الموالية لحكم الأسد.

 وتعبير الثورة اليتيمة الذي اطلقها البعض اليوم على الثورة السورية هو الأصح في هذا التوقيت، لكن تمنّي الدولة الصهيونية بأن تتحول الثورة السورية إلى صراع مذهبي بين السنة والشيعة واستجابة الجانب الشيعي لهذا المطلب هو المحفز لهذه النظرية، ايضا كون هذه النظرية تصب مباشرة في مصلحة الكيان الصهيوني الغاصب، لذلك نجد أن الكاتب انهى مقاله بقوله :
"ليس أمامنا صراع سوري داخلي بل فوضى دينية عامة في الشرق الاوسط ما تزال كلها أمامنا ولا تتعلق بإسرائيل ألبته، وهذا جيد". .

"و أن الصراع السوري أصبح منذ زمن دوليا واقليميا لأنه انفجر هناك الصراع الاسلامي الداخلي في حين أصبح الشرق الاوسط أكثر تدينا ولهذا زادت أهمية الشقاق السني الشيعي".

إن التأييد الأعمى للدولة الصفوية وحليفها حزب الله و معهم  المالكي عميل ايران في العراق للأسد؛ هو الذي أضفى الصبغة المذهبية على الحرب المجنونة التي يشنها الطاغية على الشعب السوري وأعطاها صفة التوتر السني الشيعي.

لذلك تجد الرفض القاطع للمبادرات التي تحاول حل الأزمة السورية من خلال فرض حلول تتعلق بتفويض الأسد لصلاحياته لنائب الرئيس، أو الوصول الى انتخابات حقيقية في سورية، وهذا الرفض ليس من قبل السلطات السورية فحسب بل من الداعمين الصفويين لهذا الطاغية .

 وهذا ما عبر عنه نعيم قاسم من حزب الله بأن "فكرة نقل صلاحيات الرئيس الأسد إلى نائبه لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة النائب أو مكانة النائب أو طائفة النائب، بقدر أنها تأخذ بعين الاعتبار الرغبة في كسر صورة الرئيس تمهيداً لخلخلة التماسك الموجود في تركيبة النظام ليتمّ النفاذ من خلال هذا المشروع إلى خطوات أخرى تؤدي إلى تغيرات جذرية في تركيبة النظام."

وهذا التعبير صحيح ويعبر عن وجهة النظر المعارضة لتحرر الشعب السوري ونيل حقوقه على حساب زوال الطغمة الحاكمة الموالية لما يسمى الهلال الصفوي الشيعي.

إن الحرب الحقيقية التي تشنها دول الهلال الصفوي على الشعب السوري هي حرب دينية خفية تدعمها اسرائيل والغرب، لأنها تحافظ على الصراع خارج الدائرة الصهيونية، وتضعف من قوة خصوم الكيان الغاصب الحقيقية، وبالتالي من مصلحة الغرب واسرائيل تأجيج الحرب الدينية المذهبية على حساب اي مسمى آخر لهذه الثورة المجيدة، ولكن الواقع يقول أن الشعب السوري على مد العصور لم ولن يكون أداة أو وقود لأي حرب دينية، وأن على الذين ينفخون في هذه القربة المقطوعة، أن يبحثوا على مسلة اخرى ليرتقوا قربتهم، ولكن بعيدا عن هذه الديار المقدسة، وهذا الشعب النبيل . 
الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق