غرس الكسعي غرسة من نوع نفيس الخشب، وتعهدها
بالسقاية والتقليم حتى استغلظ ساقها واشتد خشبها … وشد الوتر بعدها إلى القوس، وبرى
سهامه، وأصبح جاهزا للرمي والصيد، ومن شدة
استعجاله للصيد، وحبه لاستخدام السلاح بعد طول انتظار، خرج ليلا في يوم كان القمر فيه
في أول أيام ولادته، وكمن بجانب بحيرة عذبة، ترتادها الغزلان والأيل وغيرها من النعم لتشرب منها، وما هي إلا لحظات حتى دنا
قطيع من المها… فوضع سهما في كبد القوس وصوب نحو واحد منها، ثم رمى، وشاهد الشرر يتطاير
بين الصخور، وحسب نفسه أنه لم يصب الهدف، ولم يدرك في حلكة الليل البهيم أن السهم نفذ
من جسد الضحية وارتطم بالصخور من شدة وقوة الرمي، أخرج سهما آخر وآخر وآخر ورمى ثم
رمى وتكرر المشهد أمامه في كل مرة، ولم تسعفه حماسته في الرمي أن يتفقد مسرح الأحداث
ويخرج من مكمنه ليتفقد مسرح الحدث أمامه….. حنق الكسعي على قوسه، وندم على تعبه وجهده
الذي أمضاه في سقاية ورعاية تلك الغرسة، ووضع القوس على صخرة وأخذ حجرا كبيرا وبدأ
يكسره…. وبعد لحظات طلع الفجر، وأرسلت الشمس خصلات شعرها الذهبية على استحياء… وكانت
المفاجأة… لقد وجد الكسعي أمامه قطيعا من المها ممددا ومرميا على الأرض ومضرجا بدمائه…
فندم أيما ندامة، بعدما علم السر.
يا أبطالنا في الجيش الحر، ويا أحرارنا المنضوين
تحت أجنحته ومجالسه على امتداد الوطن الحبيب… ياأيها المنشقون عن الجيش الأسدي العميل…
عطلوا آليات وقطع السلاح التي بحوزته جزئيا،
وقبل أن تتجه لتدمير أهلكم في مناطقكم المختلفة قبل مغادرتكم قطعاتكم، عطلوها جزئيا
- والماهر منكم يعلم كيفية وآلية التعطيل - لتبقى رابضة في أماكنها، ومن ثم يتم إصلاحها
وتأهيلها كليا بعد النصر بإذن الله.
إن
السلاح والعتاد الذي يمتلكه الجيش السوري واغتصبه هذا النظام الغاشم، استنفذ مايقارب
ثلاثة أرباع خزينة الدولة السورية لما يقارب الخمسين سنة، وهو بالتأكيد من كد وجهد
وعرق هذا الشعب المصابر، فحافظوا عليه، واستولوا عليه بشتى الطرق، وخلصوه من أيدي الغاشمين،
الذين أنقلبوا على شعبهم وأمتهم، فمن أين نأتي بالسلاح والعتاد الذي استغرق شرائه وجمعه
طوال تلك المدة، ألم نشاهد ماجرى في العـراق إبان سقوط بغداد وما تلاه من أحداث، لم
يتبق قطعة سلاح ثقيل إلا ودمرت، وذهبت مخازن الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بالكامل إلى
أيدي المليشيات وجيش المهدي وبدر … وغيرها، وبدأت عمليات تصفية الحساب، وتسارعت خطى
المد الطائفي الشيعي في استئصال كل ما هو سني وشمل ذلك أيضا كل طيار قصف إيران إبان
الحرب العراقية - الإيرانية في المناطق التي تغلب عليها الصبغة الشيعية وغيرها، وبالعكس،
وانتقلت بعدها إلى الأكراد وبعدها إلى كركوك، وما يزال العراق يعاني من ذلك حتى يومنا
هذا.
أيها الثوار الأحرار في الجيش السوري الحر
والمنضوين تحت لوائه … نريد ضبط ماغنمتم وما اقتنيتموه من سلاح فهو أمانة في أعماقكم،
فقد رأيتم ما جرى ويجري بعد مقتل الطاغية القذافي، وما ينتظره شعبكم الأبي منكم المحافظة على هذا الجيش – وهو من أوائل الجيوش العربية
- من خلال بناء جديد لجنوده وصف ضباطه وضباطه وجميع مراتبه بترميم صحي وصحيح، بناء لاتغلب عليه الصبغة الطائفية
كما هو عليه الحال الآن، ولنتذكر جميعا أن أرض الجولان قابعة تحت الاحتلال الصهيوني
ذلك الكيان المسخ المدجج بالعتاد وجميع صنوف السلاح، فضلا عن السلاح النووي والقنابل
الذرية، والجسور الجوية التي تنقل له السلاح والعتاد من الغرب أمريكا وأوربا عند تعرضه
لأي مناوشات مع جيرانه، ذلك الكيان يتتبع اليوم
الأحداث ويراقب عن كثب كل التفاصيل، وهو قلق مما يجري في سورية عامة، ويأسف كل الأسف
على فقد حليف استراتيجي له حمى حدوده بكل ما تقتضيه العلاقات الحميمية بين الجيران،
كأفضل خادم لهم، والنظام الحالي يستمر بذلك على نهج أبيه ويوجه رصاص وقذائف وصواريخ
الجيش إلى صدور وبيوت الشعب ، فيما منع أن تطلق ولو رصاصة باتجاه ذلك الحليف على مدى
أربعين عاما.
وفي الختام لابد أن نتذكر بعض المبادئ العامة، بخصوص الرماية
والرمي ’’ ألا إن القوة الرمي ’’ وأهمها أن
يتذكر الرامي بصره الذي يبصر به، هل عنده انحراف فيه أو نقص، فليصلح ذلك الخلل، أو
لديه عشى ليلي أو عمى ألوان، وأن يختار الوقت
المناسب للقنص أوالرمي، بحيث لاتكون الشمس
قبالته وفي وجهه بل وراء ظهره نهارا، وأن يختار ليلا مقمرا، وهل السلاح الذي يمتلكه
معد ومصان وجاهز للرمي، وهل هو قادر على استخدام هذا النوع أو الصنف من السلاح ؟؟؟
وأن يتفقد الرامي الهدف أو
الدريئة التي يتدرب عليها، هل أصاب هدفه أم لم يصب؟؟ ونسبة ما تحقق من أهداف ؟؟؟ ويكثر
من المداومة على التدريب، وأن يحافظ على هذا السلاح كأنه قطعة من جسده، فبه يحمي نفسه
وأهله وعشيرته ووطنه، وأن يتذكر دائما وأبدا الحديث القائل ’’ من تعلم الرمي ثم نسيه
فليس منا’’ ولهذا كان الإمام الشافعي رحمه الله يصيب مئة من مئة،
وكان يطلق سهما في الهواء ويكسره بسهم آخر يطلقه بعـده من قوسه، فكونوا مثل أئمتكم
العظماء أولئك، الذين أمضوا جل وقتهم يركبون خيلهم ينفرون خفافا وثقالا، ويعفرون أجسامهم
بنقع معارك البطولة والفداء فتحا ودفعا وحماية لثغور، لا بل كونوا خير خلف لخير سلف، ولا تدعوننا نندم
معكم كما ندم الكسعي، ولات حين مناص.
د.محمد وليد حياني
انا يوسف البكور السلام عليكم يا عظماء الامة
ردحذف