يروي وول ديورانت صاحب قصة الحضارة في مقدمة
كتابه القيم...
ومن خلال سيرته الثرية عن تاريخ الانسان يتحدث
عن امبراطورية الصين العظيمة ويذكر ملكاً من ملوكها في الالف الثاني قبل الميلاد ،
ورث السلطة وهو في مقتبل العمر فالتف حوله رجال البلاط الذين كانوا ملازمين لوالده
ليدفعوه إلى السير بنهج ابيه فبدؤوا يقدمون له خطوات وبرامج جديدية لديمومة الحكم واستمرار
قوته فطلبوا منه ان يزيد من بناء السجون لكثرة المارقين والمتمردين والخارجين على قانون
الانصياع فما كان منه إلا ان رد عليهم بهدوء الواثق من رأيه والمتمكن من قراره :
يجب ان نضع خططاً لزيادة عدد المدارس وليس
السجون ،لإصلاح الناس ؟؟؟؟؟
ثورتنا التي قامت لإسقاط نظام لا يمت للإنسانية
بصلة ولم يتأخر
باستخدام الأساليب المبالغ في وحشيتها من اجل
قمعها
وقد كان من اهم إشكالياتنا وهواجسنا ان الثورة
قامت على أرض جرداء هجرتها السياسة منذ حكمها الطاغية لأنه لاحق وقمع أجتماع أي صاحب
فكر مع أي ظمآن من المتلقفين لفكرة ذات بعد إنساني ،تنير درباً، أو تبني صرحاً،أو تؤسس
لمنهج فكري يحقق نمواً لوطن وبأي مجال كان
وقد كان من الأسباب التي ذبحت حراكنا وثورتنا
ولا تزال تفعل فعلها بالسياق التاريخي للثورة وتضع العقبات الكأداء بوجه تقدم الثورة
تقدما طردياً وينقلها من نصر إلى نصر مجموعة مهمة من الأسباب ، وأدعي بأنني سأبذل جهدي
كي لا أفوت سبباً مهما من الأسباب التي تنخر في جسد الثورة والتي بدأها أحرار سوريا
من أربعين سنة هؤلاء الذين كانوا جنوداً مجهولين وقفا بوجه الطاغية منذ اليوم الأول
لتوليه دفة الاستبداد والطغيان ومنهم من رحل بغياهب السجون ومنهم من خرج أشبه بظلال
رجل من التعذيب والقهر والتنكيل به وأخرجوه كي يتبرأوا من إنهاءه داخل الحبس ..
1 - هذا النظام الجائر ، الضحل ، والمستبد
قد أعدم بكل إصرار كافة أشكال العمل الجماعي ، التطوعي ،الذي يقوم على روح التعاون
الاجتماعي ،وروح الأنتماء الوطني على مقصلة النهب والرشوة والفساد والإفساد وزرع الفرقة
بين الأخوة وابناء البيت الواحد والحي والمدينة وصولاً الى الوطن الواحد على مبدأ
/عسكرية دبر راسك /لانه كنظام وكطغمة حاكمة أختاروا مصالحهم الضيقة على مصلحة وطن تمت
مصادرته بجنازير دبابة روسية خلال ليلة ظلماء ،وأعتبروا ان كل ما يتحصل عليه هو مكسب
لا يرد مهما كانت أضراره على البلد ومقوماته وابناءه
2 - تبين ومن خلال ما كشفته الأحداث وتواترها
المفجع منذ اربعين سنة حتى تاريخ كتابة مقالتي هذه ،وأعلم ويعلم كثير من حصيفي الرأي
ويتميزون ببعد النظر أن ما ستكشفه الأيام أكثر رعباً وسيكون فجائعياً بشكل مخيف ،هو
أن مساحات السجون في بلادي ،كانت أكبر من المساحات المزروعة بالحنطة والزيتون والورد
والجلنار ، وأن عدد القابعين في سجونه الحالكة الظلمة هم حتما أكثر من العاملين بالصناعة
وبالبحث العلمي بكل المجالات هذا إذا افترضنا انه بكل جهة حكومية ووزارة هناك بحث علمي
تم التأسيس له في العهد الذي سبق عهد الاستبداد وأن القائمين على التعذيب والاعتقال
وارعاب الناس هم حتما وعلى ذمتي اكثر من العاملين بقطاع التعليم بكل مراحله من الابتدائية
الى التعليم الجامعي العالي وكذلك المسؤولين عن مراقبة الناس ،حركاتهم وسكناتهم أكثر
من العاملين بقطاع الصحة والبلديات والزراعة .
3 - الداهية الأكثر أيلاماً :أن مدارسنا وجامعاتنا
تم توجيهها بشكل ممنهج ومدروس لتخريج العسكر تاريا قبل ان يتخرج منها الأدباء والفنانين
والمهندسين والأطباء و فناني المسرح وأصحاب الريش المبدعة والمفكرين والباحثين ...ولكم
أن تتخيلوا ان مدربي الفتوة والتدريب العسكري المدرسي والجامعي هم عبارة عن المغضوب
عليهم والمنسقين من الجيش لأسباب على الأغلب هي أسباب طائفية للسيطرة على زمام الأمور
بالجيش ليصبح القوة الطائفية الضاربه لقمع وخنق أي تحرك معادي لسلطة الحقد المسلطة
على عنق الوطن كما ظهر في هذه الثورة
4 - ومن باب الأعتماد على المكيافيللية، سوداء
التفسير والتبرير :الغاية تبرر الوسيلة ،الفاسدين والمفسدين والرعاع الذين اعتمد عليهم
النظام لتدمير بنية الوطن هم تحولوا وعلى حين غرة إلى حكام ومثقفين وناطقين بلسان حال
الطغيان والان تراهم ينبحون بكل زاوية دفاعاً عن مكتسباتهم ووجودهم وتبرير جرائمهم
الممنهجة لإفساد ماضي وحاضر ومستقبل وطن ،وليس عن حكم الطاغية فقط
والآن يا وطني ....وأخوتي وأخواتي ،أبناءه
الأعزاء
وقعنا بعدة حفر ومطبات ،وهاوية ، تلو أخرى
:
راهنا في بداية الثورة على نجدة العالم كما
حصل بثورات مباركة سبقتنا ،ولكن لم يكن لنا قادة مفكرين شفافين يعون اين نذهب ويوجهون
الثورة ويحملون بوصلة دقيقة تؤشر لأتجاه صحيح في مواجهة النظام البغيض الموغل بالكذب
والدهاء والخداع والتنكر لابسط مباديء الإنسانية
خذلنا أبناء جلدتنا الذين يرتعبون من فكرة
المجتمع المدني المقبل بقوة والديمقراطية التي نحلم بها لانها ستحرك الف سؤال وسؤال
بجماجم مواطنيهم ،وتسقط عنهم أوراق التوت او التين ،التي تستر عوراتهم القبيحة
لم يعد اللون الأحمر القاني المتوهج النازف
من ثغور جراحنا ن لم يعد يثير باعصاب أحد ممن حولنا شيئاً، ولم تعد أعراض حرائرنا التي
تنتهك تثير حميتهم واطفالنا يقطعون لم تعد تثير نخوة أحد بالكون
ننتظر من موتى نجدة لن تأتي فلسطين ضاعت ولم
تأتي والعراق ضاعت ولم يفزع لمصابها معتصم أو سموأل جديد يضرب مثلاً بوفاء جديد /للتذكير
: السموأل يهودي وهو مضربنا بالوفاء وصاحب حصن عادياء
ومن درة المصائب ان الغيلان والسعالي تحكم
أرضنا ولا تشبع وترتوي من الدماء والارواح التي انتهكت حتى الان
وكذلك تجد الكثير من مدعي الثقافة والمعارضة
ما زالوا مختلفين على جنس الملائكة ، وعلى جدلية البيضة قبل ، أم الدجاجة
وهم متناحرين ويقتتلون على اقتسام جلد الدب
.....، قبل أصطياده
ويخونون بعضهم ويعرون عورات بعضهم قبل أن تكتسي
الثورة ويكتسون منها ثوب الحرية والعزة ،و قبل أن تتم تعرية الطاغية والتفرغ لإزاحته
عن كاهل شعبنا ، ولازالو مختلفين حول تسميتها ما إذا كانت ثورة أم لا
وما يدعو إلى النواح والعويل أنني ألمح من
بين الصفوف الكثير الكثير ممن يحمل في جيبه الكثير من الأعلام والرايات المختلفة كي
يتسنى له أخراج راية المنتصر ليلوح بها مصفقاً وسيكون في رتل الوفود التي ستبارك دون
حياء .
الرياض 10 - 4 - 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق