بسم الله الرحمن الرحيم
لا يمكن أن نحصر _فرادة_ ثورة الشعب السوري
في جانب واحد، فهي متميزة من أول ظهور لها، وانبثاقها من شعب تحرك بمعظمه على نظام
جائر مستبد .. وقد قطعت في استمرارها حتى الآن الشهر الأول من العام الثاني لحراكها؛
كما أنها كانت حتى أكثر من نصف هذا الزمن من بدايتها سلمية تطالب بشعارات مرفوعة
.. بل إن سلميتها لا تزال قائمة عاملة على مستوى شعبي ناشط .. ثم هي الآن وطول هذا
الزمن الذي مر عليها؛ تواجه أعنف نظام يشهده تاريخ ثورات العالم ..
هذا
النظام لا يملك من خلائق البشر واحدة سامية منها، بل هو الهمجية المدمرة بأقصى درجاتها،
والعنف الأعمى بأشد حالاته، والاجتياحات الشاملة على أوسع مدى، حيث تخلى عن أي مسحة
إنسانية أو خلائق آدمية ..
من
بين الفواعل التي ساعدت النظام على إجرامه المجنون؛ هو تنصل المجتمع الدولي عن مسؤولياته،
وعدم القيام بأي جهد حقيقي في إيقاف هذا النظام عند حد معين .. ليس من بين هذه الأسباب؛
هو ما يتحمله الفيتو الروسي، وشريكه في هذا الخزي المعلن الصيني .. الذي لم يبرز له
وجه من الوقاحة مثل هذا الوجه قبل هذه الفعلة الشنيعة .. ليس هذا فحسب؛ بل إن العالم
الغربي الذي قدم كلامًا منافقًا، وعبارات منمقة في بداية الأحداث في موقفه من الشعب
السوري، من مثل أن النظام فقد الشرعية، وأن على رئيسه أن يتخلى عن الحكم، وأنه حكم
من الماضي، وأمثال هذه العبارات التي عصفت بها رياح الحقيقة التي انطوى عليها الموقف
العملي من قضية الشعب السوري .. فلم تقدم هذه العبارات، وهذه المواقف شيئًا ذا بال
في نصرة حق الإنسان في الحياة، ولا الحفاظ على شرعة تلك الحقوق التي يتاجر بها أولئك
القوم ثم يخوننها من أقرب طريق إلى مصالحهم ..
كل
هذا يحدث، وأخبار العملية الإجرامية الدامية تتوالى على أسماع العالم، وتقع تحت بصره
بالصوت الجهير، والصورة الفاضحة .. لكن الضمير الإنساني كله، وحتى العربي القريب في
معظمه كان ولا يزال في إجازة طويلة ..
إزاء
هذه الحال المؤلمة لا بد من أن شعبًا عزيزًا يأبى إلا أن يهب مدافعًا عن وجوده، ومنافحًا
عن كيانه، صادًّا بكل وسيلة ممكنة عن نفسه وحرماته؛ محركًا ضمائر الأحرار في النخوة
الكريمة، والشهامة العزيزة؛ بأن يقف معه طلبًا للعون بعزة وإباء، مستصرخًا المروءات
بما تعنيه من دعم وفداء .. وفي جعبة هذا الشعب الماجد من التراث الباذخ والتاريخ المجيد،
والموروث الغني ما يقدمه بين يدي هذا الخطاب .. إنه جوامع كلم الرسول عليه الصلاة والسلام
.. فقد ورثت الأمة منه هذا الهدي، في ثواب الذي يقفون مع المظلوم الذي يدفع عن نفسه
شر المجرمين وطغيان الظالمين .. وهذه واحدة أخرى في فرادة هذه الثورة من أدبياتها الماجدة
في شعارها المرفوع هذه الجمعة .. فهم يدعون الأمة وأحرار العالم بمثل هذا الهدي الشريف
والنص الواضح البليغ .. "أنه من جهز غازيًا في سبيل الله فله من الأجر ما لهذا
الذي يغزو ويدفع العسف الطاغي عن هذه الأرواح البريئة".. وكفى بهذا البلاغ أداء
بواجب النصرة، وأذانًا لاستنهاض الهمة، وإعلامًا لا يترك عذرًا لمعتذر .. والله حسبنا
ونعم الوكيل ...
13/جمادى/1433هـ
6/4/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق