الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-04-18

لماذا يكذب الأسد ؟ - بقلم: الرشيد


الجواب وبكل بساطة أن الأسد يكذب لأن هذا هو المطلوب منه ! ومن يطلب منه الكذب ؟ الجواب بسيط أيضاً : كل دول العالم , ولماذا يطلب منه الكذب ؟ الجواب هنا ليس بسيطاً , فلكي تعرف لماذا يكذب الأسد يجب أن تقرأ المناخ السياسي أو ربما الجيوسياسي لكل دولة على حدى . فالمعروف في تركيبة المنظومة الدولية أن هناك شعوب وهناك أنظمة , وما يرتب في الإعلام لاستهلاك الشعوب ربما يختلف كليةً عن توجه هذا النظام أو ذاك وبمعنىً آخر ليس كل ما تقوله الأنظمة لشعوبها هي الحقيقة بل ما تسمعه الشعوب من أنظمتها هو ما يجب على هذه الأنظمة قوله لشعوبها للحفاظعلى ديمومتها.


حتى في الأنظمة الديمقراطية للساسة تكتلاتهم وتحالفاتهم والتي غالباً ما ترتدي عباءة الديمقراطية لتسويق توجهاتهم وأفكارهم . ومن هذا المنطلق يكذب الأسد ونظامه أيضاً. و لتوضيح الفكرة يمكن لي أن أسوق مثلاً عن بعض الأكاذيب التي روج لها النظام السوري والتي في غالبها فاضحة بالكذب والفبركة ومن هذه الأكاذيب كذبة المعلم الكبرى عن وجود القاعدة وما شابهها على الأراضي السورية. و السؤال هنا هل النظام السوري غبي لدرجة أن يظهر وزير خارجيته بفيديو عن مجموعة من الملتحين السلفيين في إحدى بلدات لبنان ليقول للعالم بأن هؤلاء ينتشرون على الأراضي السورية و هؤلاء هم من نحاربهم !

الحقيقة أن النظام السوري يعرف الزوبعة الإعلامية التي ستلي نشر هذا الفيديو وانه سيتم استثماره من المعارضة للتدليل على كذب وفبركات النظام فما الذي سيستفيده النظام السوري من هذا الفيديو !

الجواب يا سيدي أن النظام يدرك تماماً أن ذرة عقل في ذهن أصغر طفل تدين نظام الأسد بعد سقوط أكثر من عشرة آلاف شهيد و عشرين ألف مفقود و الآلاف المؤلفة من المعتقلين ناهيك عن آلاف الفيديوهات والصور الموثقة عن انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان وبعضها يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية و إبادة جماعية حسب تقارير أممية نزيهة ومحايدة .

لقد ظل النظام ومنذ بداية الثورة يسوق لفكرة العصابات المسلحة التي يقوم بمحاربتها وما يحتاجه فقط هو بعض الحالات المفبركة والمصطنعة ولو بشكل بدائي  ليجعل منها مادة يتداولها على محطاته الرسمية و غير الرسمية إضافة للمحطات الداعمة لنظامه وهو بذلك يؤمن (العذر) أمام تلك المحطات وبالتالي الأنظمة المساندة له في تسويق سبب دعمها لنظامه .

فما يجنيه نظام الأسد من نشر هكذا فيديوهات هو تحقيق العديد من الأهداف التي تبدو للوهلة الأولى أنها تدينه ولكنها في الواقع تمنحه العذر وخصوصاً أمام الإعلام الخارجي والدول الداعمة له. فلا يوجد نظام في الدنيا يستطيع أن يقول علناً لشعبه أنا أؤيد القتل أو القاتل , فكيف (تبيض) هذه الأنظمة صفحتها يكون بالتقاط الكذبات من النظام السوري وترويجها إعلامياً لتبرير الإصطفاف لجانب القاتل. فلو جاءك أحدهم وقال لك أن فلاناً قتل فلان ستشعر على الفور بالحنق على القاتل فماذا لو قال لك أن المقتول قام بمحاولة سرقة القاتل قبلاً لربما هنا سوف تبدأ بإعطاء بعض التبرير للقاتل و ماذا لو قال لك ان المقتول همًّ بقتل القاتل , هنا سوف تعطيه العذر ويتحول في نظرك من قاتل مجرم إلى ضحية أراد الدفاع عن نفسه.

إن ما تفعله الدول الداعمة للنظام السوري هو التغطية على جرائمه باستخدام أكاذيبه. و هذا حال العديد من الدول التي لا تريد أن تشغل بالها و شعوبها بما يجري في سوريا لغايات و أجندات مختلفة و ما تقدمه في إعلامها غالباً ما يكون انتقائياً حسب أوضاعها وظروفها . فلعبة الإعلام خطيرة وحاسمة ولهذا السبب لم يسمح النظام لوسائل الإعلام بالتحرك على أراضيه رغم كل النداءات الدولية (الخجولة) نعم الخجولة فمعظم دول العالم لا تريد نقلاً حقيقياً لما يجري في سوريا طبعاً أتحدث هنا عن القوى الفاعلة على الساحة الدولية وسببه هو بشاعة و بربرية وفظاعة ما يحدث على الأرض السورية .

هناك جرائم لم تحدث في عصور التتار فكيف لو كشف كل هذا ؟! أين سينام الضمير الجمعي الإنساني وفي أي قبر ستدفن حقوق الإنسان وقد عبّر عن هذا الطرح أحسن تعبير وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه حينما قال ” إن عدم استصدار قرار إدانة بحق النظام السوري هو فضيحة” بل يا سيدي هو أم الفضائح .

وأكبر من تاجر بالدم السوري رغم شراكة معظم دول العالم في هذا البازار (الفضيحة) هو النظام الروسي الشمولي الديكتاتوري بثوب الديمقراطي .

إن مخابرات النظام الروسي تصول وتجول منذ أربعين سنة في أنحاء سورية ويعرفون- بحكم العلاقة الطويلة و المصلحية- الصغيرة قبل الكبيرة عن ما يحدث في سوريا وهم أكثر من غيرهم يعرفون مدى إجرام النظام السوري وفتكه بمعارضيه ولكن من باب المصالح السياسية و العلاقات الاستراتيجية سيتم التغاضي عن اي انتهاكات لحقوق الإنسان مهما بلغت مداها بل ربما دعم هذه الأنتهاكات إن كانت ستبقي على المصلحة الروسية وذلك يبدو جلياً باستمرار تزويد الروس للنظام السوري بالسلاح وآلات القمع والذخيرة , فلو هناك (شرف) في هذه المسألة لأوقف الروس تزويد النظام السوري – ولو مؤقتاً – بالسلاح  حتى لا يستخدم ضد المدنيين .

إن شرف الأمم يتحطم على صخرة المصالح وهذا حال من وقف ضد الثورة السورية أو من لم يقف معها أو على الأقل من وقف موقف المتفرج عليها .

إن عبارات مثل حقوق الإنسان والقيم والأخلاق هي عبارات للتداول الإعلامي فقط . أما في دهاليز السياسة فلا وجود لمثل هذه الإصطلاحات ومن يعمل بها سيضيع حتما في هذه الدهاليز . أما ما هو مكتوب كعبارات استدلالية في دهاليز السياسة هو مصطلح واحد يتفق عليه الجميع ولا يضيع احداً ألا وهو (المصلحة) ولا شيء غير المصلحة .

فليرحم الله ثوار سوريا فضمير دول العالم ميت أمام مذابحكم فأنتم فجرتم ثورة كرامة يمكن أن تسمى بدون أدنى شوفينية أعظم ثورات هذا القرن ولكن هناك من لا يريد لثورتكم أن تدرس في الكتب وهم كثر فاصبروا ورابطوا و استمروا فأنتم الأعلون وإلا لو توقفتم فكل فرد منكم سيردد ما قاله نزار قباني يوماً ” لو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت” .
بقلم : الرشيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق