عندما
يرى المشاهد رجل الأمن السوري يرافق المراقب الدولي في البعثة الأممية المشتركة؛ يدرك
كم هي فاضحة تلك المهمة التي أناطها المجتمع الدولي لهؤلاء المراقبين، كي يشهدوا في
وقت من الأوقات على جرائم النظام التي لم تتوقف، وفظائعه التي لم تنقطع أو تهدأ ..
فقد نصت المادة الأولى من مهمة عنان الأممية العربية المشتركة على أن يتوقف القتل،
وتنسحب الأسلحة من مواقعها قبل أن يبدأ المراقبون عملهم؛ لكن ذلك لن يحدث على الرغم
من مرور ثلاثة أسابيع على ما يسنّي قبول النظام للمهمة المذكورة ..
رجل
المهمة الصعبة الأمين العام السابق كوفي عنان، أعلن أن النظام لم يلتزم بالمبادرة تمامًا،
وعليه أن يسحب الأسلحة الثقيلة ..! فهل الأسلحة المتوسطة والخفيفة معفوٌّ عنها، ومسموح
لها أن تقتل المواطنين العزل الأبرياء وتقتنص أطفالهم ونساءهم .. وما تجدي كلمة
"عليه أن يسحب"، وعليه أن يفعل كذا وكذا، وهو مستمر في جريمته، مواظب على
فظائعه، غير عابئ بكل ما يحدث على أرض الوطن، الذي تعاون على ذبحه هو والمجتمع الدولي
الذي يمنحه فرصة القتل الماضي المستمر بلا توقف، والإبادة الشاملة العامة بلا هدنة
.. لماذا تقبل الهيئة الدولية بكل هذه الجرائم، حتى قبل أن ترسل مراقبًا واحدًا، ومضت
في خطواتها المتئدة متراخية جدًّا، قبل أن يطبق النظام المادة الأولى الصريحة والواضحة
من الاتفاق ..
إنما
يقوم به المجتمع الدولي من إرسال نفر قليل من المراقبين، يحركهم النظام السوري كيف
يشاء، وأنى يشاء بعيدًا عن المواطن التي تشهد الجرائم الفاحشة، والفظائع المنكرة، وتقوم
بالإبادة الشاملة؛ ما هي إلا تمثيلية سمجة مفضوحة، تسجل على هذا المجتمع العابث _سخرية
هازئة_ تستمتع بشلالات الدماء، وتتفرج على الأشلاء من ضحايا هذا النظام ..
هذه
شهادة زور ساخرة تسجلها المنظمة الدولية على نفسها، وهي لطخة سوداء قاتمة في تاريخها
.. والشعب السوري الصابر لن يغفر لكل الذين اشتركوا في تدوينها أو أسهموا في صنعها،
ليعلم كل الذين أخرجوا هذه اللعبة القذرة أنهم مسؤولون حاضرًا ومستقبلاً، ولن يفلت
أحد منهم من المحاسبة يومًا ما ..
الشعب
السوري يبني مستقبله بضحايا أبنائه، ودماء مواطنيه، يقدمها _وهي أنفس ما لديه_ من أجل
حياة حرة كريمة، وعلى الذين يشككون في قدرة هذا الشعب ومعاناته الظافرة أن يعيدوا النظر
في قراءاتهم للأحداث، وأن مسيرة ثلاثة عشر شهرًا حتى الآن لا بد وأن تلهم أصحاب الرؤية
الصائبة أن النصر القادم، وهو قريب بإذن الله، ولن تضل حركة دأبها اليقين الصادق، ولن
تتيه في طريقها وديدنها العمل الجاد والإخلاص العميق ...
1/جمادى الثاني/1433هـ
23/4/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق