عادة ما تستعمل الشعوب النكتة السياسية لمقاومة الاستبداد والظلم حين
لاتتوفر لها وسائل أخرى. وقد أثبت أهل الشام مهارتهم في هذا المجال عبر
التاريخ، وأضافوا لها النوادر والأمثال الشعبية. ولما كان المبعوث
الأممي-العربي (كوفي عنان) في قلب الأحداث السورية اليوم، فقد كتبت عنه
ماسميته بالعنانيات وجمعته في هذه النوادر.
من هالك لمالك لكوفي لعنان
ليوقفوا المجازر في سورية،
أرسلوا أولاً نبيل العربي، الذي أثبت أنه لايمت للعروبة بشئ، فصرح أن رئيس
النظام السوري (أكد له التزامه بالاصلاحات!) طبعاً فشلت مساعيه ثم توقفت،
فأرسلوا بعده (دابة) السودان والذي حاول أن (يكحلها فعماها) حين قال
بدوره أن (الأوضاع مطمئنة!) ففشلت المساعي للمرة الثانية وتوقفت. وأخيراً
أرسلوا (كوفي عنان) الذي قال بعد زيارته مؤخراً لسورية بأنه (متفائل!) وأن
(باب الحوار مع النظام السوري مازال مفتوحاً!). الشئ الوحيد الذي لم يتوقف
خلال تلك (المساعي) كان مسلسل المجازر التي يرتكبها النظام بحق المدنيين
العزل، وهذا يشير إلى أن الشعب السوري بين هذا وذاك قد انطبق عليه المثل الشعبي:
(من هالك لمالك لقباض الأرواح)
فوجئنا خلال ثورات الربيع
العربي عموماً والثورة السورية خصوصاً بالكثير من الديبلوماسيين الأجانب الذين يتكلمون
اللغة العربية وبطلاقة إلى حد ما، ومنهم الروس والصينيين والايرانيين وحتى
الأمريكيين. ولكني لاأعرف فيما إذا كان كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة لحل
الأزمة السورية يجيد اللغة العربية أيضاً؟ وسبب اهتمامي بمعرفة ذلك هو
تصريحه الأخير الذي أطلقه بعد مغادرته سورية قبل أيام حيث قال أن (باب الحِوار مع
النظام السوري مازال مفتوحاً!) علماً بأني سمعت الخبر من الفضائيات العربية ولم
أتأكد من اللغة التي أدلى بها بهذا التصريح.
فهو إن كان قد عنى فعلاً كلمة (حِوار)
من المحاورة والتحاور وتصريفها (حاور، يحاور، فهو محاور)، فالمطلوب منه أن
يحدد للسوريين وللمجتمع الدولي أي من المجازر التي ارتكبها النظام السوري مؤخراً
هي التي دعته لهذا التفائل: هل هي مجزرة (بابا عمرو) أم (كرم الزيتون) أم
(إدلب) أم غيرها؟
أما إذا كان قصده أن يقول (باب
الحمار مازال مفتوحاً) واستعمل كلمة (حوار) بالخطأ بدلاً من (حمار)،
لتشابه الكلمتين من جهة ولعدم تمكنه من اللغة من جهة ثانية، إذا كان هذا هو قصده،
فأنا أنصحه، كون مهمته مازالت في بدايتها، أنصحه بالالتحاق بدورة تقوية
باللغة العربية لأني وبصراحة لم أجد (أحمر) من هكذا تصريح في هكذا مناسبة
في هكذا مهمة.
(بس مو الحق عليه، الحق على يللي بعتو)
***
كوفي عنان وبيان الحلحلة
أصدر مجلس الأمن الدولي أول أمس
الأربعاء (بياناً رئاسياً غير ملزم) يطلب من النظام السوري والمعارضة (وقف
الإقتتال) والبدء (بحوار سياسي فوري) لحل الأزمة، واضعاً الضحية في مقام الجلاد.
وكانت فرنسا هي التي تقدمت بهذا المشروع، وصرح وزير خاريجيتها أنه وافق على
(تخفيف لهجة) البيان، مع أنه غير ملزم، بهدف (حلحلة موقف روسيا)
وتجنب إفشاله عن طريق مندوبها الدائم هناك. وكذلك بهدف (إرضاء الصين) وتجنب
تدخل مندوبها لافشاله. كما لمح إلى أنه كان يهدف من هذا (التخفيف) أيضاً
إلى فتح الطريق لانجاح مهمة (كوفي عنان) مبعوث الأمم المتحدة. وطبعاً لم
يشر الوزير الفرنسي، كما ولم يلمح واعتمد على الفهم فقط، إلى أن هذا التخفيف هو
مطلب إسرائيلي لم يخفه رئيس وزارئها بنيامين نتنياهو أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن
قبل أيام. وكما كان متوقعاً، فقد رحب مندوبو تلك الدول وغيرها بهذا القرار، كما
وصدر ترحيب (سوري رسمي) به!
أقول لوزير الخارجية الفرنسي أن يقول لمندوبه في مجلس الأمن أن يقول
للمندوبين الذين (تحلحل) موقفهم والذين (رضوا) والذين (رحبوا)
والذين (طالبوا) بمثل هذا البيان، أقول له:
(تضرب منك إلو إلو إلو .......)
***
كوفي عنان أم أنان؟
منذ أن دخل الأمين العام السابق للأمم المتحدة (كوفي عنان) على خط
الأحداث في سورية وتمت تسميته مبعوثاً أممياً - عربياً مشتركاً لايقاف مجازر
النظام السوري ضد شعبه الثائر، لاحظت أن الفضائيات العربية مختلفة حول لفظ اسمه!
فبعضها تلفظه (عنان) بحرف (العين) وبعضها تلفظه (أنان) بحرف (الألف)!
من جهتي، فاني أرى أن الأنسب للفظ اسمه هو (جنان) بحرف (الجيم). فان
شخصاً يصرح بأنه (متفائل) بحل سلمي لهذه المجازر، ويعطي النظام السفاح
المزيد من (المهل) معتقداً بأنه سيسحب دباباته من الأحياء السكنية، فهذا
لاشك يمثل (الجنان) في أجلى صوره، إذا لم نقل أنه (شريك) للنظام
وحلفائه ومريديه. ويبدو أنه في النهاية: ما خفي كان أعظم
***
من أفضل: الدابي أم عنان؟
يدور في الأوساط العربية والعالمية سؤال فيه مقارنة بين (محمد الدابي)
المبعوث السابق للجامعة العربية لوقف المجازر في سورية وبين (كوفي عنان)
المبعوث الأممي- العربي المشترك لنفس المهمة. والسؤال المشار إليه هو سؤال بشقين ويجري
طرحة على الشكل التالي:
من أفضل الدابي أم عنان، وهل سينجح الثاني حيث أخفق الأول؟
للإجابة عن هذا السؤال ذي الشقين، أستعمل المثل الشعبي الدمشقي ذي الشق
الواحد:
(يضرب الجوز شو صعب فراطو)
مع إعتذاري ممن غير قادرين على فهم هذا المثل في هذا السياق
***
كوفي عنان والصدمة
قال (كوفي عنان) اليوم
بأنه (صدم) بعد سماعه تصريح وزارة الخارجية السورية حول اشتراط النظام
السوري (لضمانات خطية) من المعارضة وحلفائها بايقاف الأعمال العسكرية قبل
أن يسحب النظام دباباته ومدافعه الثقيلة من الأحياء السكنية.
إن فعل (صدم) يعني (تفاجأ)
أي (وجد شيئاً لم يتوقعه). وبالتالي، وبعد أن انتهت وساطة (نبيل العربي)
إلى ماانتهت إليه، وبعد فشل مهمة (الدابي) بالطريقة التي فشلت بها، فإن
السيد (عنان) يريد أن يقول لنا بأنه (صدم) من تصريح خارجية النظام
السوري!
أقول (لعنان): إن شاء
الله كل (صدمة) وأنت والمجتمع الدولي والأمم المتحدة والجامعة العربية
ومنظمة الدول الإسلامية ودول عدم الانحياز ومنظمة الفيفا لكرة القدم، بألف خير.
***
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
الاثنين 17 جماد الأول 1433، 9 نيسان، إبريل 2012
هيوستن / تكساس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق