حين صعد نبي الله موسى (ع) إلى جبل الطور في سيناء قبل
أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ثم عاد بعد أيام، عاد وهو يحمل معه (الوصايا العشر)
التي أرسلها الله تعالى إلى الناس ليعملوا بها كنوع من الدستور الالهي. وهذه
الوصايا هي: لاتشرك بالله أحداً، لاتسجد لصنم أو صورة، لاتقسم بالله باطلاً،
خصص يوماً في الاسبوع (السبت) لترك العمل وعبادة الله، أكرم أباك وأمك، لاتقتل،
لاتزن، لاتسرق، لاتشهد الزور، لاتشته ماليس لك. أتت بعد ذلك رسالتان سماويتان
هما المسيحية والاسلامية فلم تلغ أي من هذه الوصايا، بل كان التعديل الوحيد عليها
هو استبدال السبت بالأحد للمسيحيين وبالجمعة للمسلمين.
الخطيئة الأولى: تسليم الجولان لإسرائيل في حرب حزيران 1967 وذلك حين كان الأسد الأب
وزيراً للدفاع. وهو كان من أعطى الأوامر الصريحة للجيش السوري بالانسحاب الكيفي من
مدينة القنيطرة عاصمة الجولان حتى قبل سقوطها.
الخطيئة الثانية: بعد وصوله إلى الحكم عام 1970، لم يقم الأسد الأب بأي جهد، حقيقي أو حتى
شكلي، للتحقيق في ظروف وملابسات سقوط الجولان بتلك الطريقة المهينة لتحديد
المسؤولين عنها ومعاقبتهم.
الخطيئة الثالثة: خوض حرب تشرين عام 1973 بتلك الطريقة الفوضوية والغير مهنية، مما أدى في
نهاية الحرب إلى خسارة أراض جديدة ووصول الجيش الإسرائيلي إلى منطقة سعسع
التي تبعد 40 كم فقط من العاصمة دمشق. وكما ادعى النظام السابق أنه انتصر في حرب
حزيران (لأن إسرائيل كانت تهدف منها إلى إسقاط النظام وفشلت!) فعاد نظام
الأسد الأب وفبرك مقولة جديدة في حرب تشرين لاخفاء إخفاقه فقال: صحيح أننا لم نحرر
الأرض، ولكن (حررنا أنفسنا من عقدة الخوف). وبما أنهم ادعوا الانتصار، فهم
لم يجدوا داع للتحقيق في مجريات الحرب.
الخطيئة الرابعة: تغيير المناهج التعليمية في مدارس وجامعات سورية وتزوير التاريخ لتصبح كل
الكتب تمجد القائد الرمز لدرجة التأليه وتدور في فلكه وفلك أسرته.
الخطيئة الخامسة: زيادة وتوسيع أفرع المخابرات لتشمل كافة نواحي الحياة في سورية
وتشدد القبضة الأمنية على المواطن وتجعله يشعر أن النظام عدوه وأنه بالتالي عدو
للنظام. فتحول البلد إلى سجن كبير ترتكب فيه كافة أعمال القتل والتعذيب لارهاب
الشعب وابقائه صامتاً.
الخطيئة السادسة: إنشاء ميليشيات عسكرية من موالية ومن حثالة المجتمع مهمتها تنحصر في
الدفاع عن النظام في حالات الثورة أو التمرد وهي سرايا الدفاع، سرايا الصراع،
الوحدات الخاصة، الحرس الجمهوري وجمعية الامام المرتضى، وهذا مما عزز شعور
المواطن بعداء النظام له.
الخطيئة السابعة: بعد انطلاق انتفاضة الطليعة المقاتلة في تنظيم الاخوان المسلمين ضد
النظام عام 1982 ثم استسلامها ورمي سلاحها، كان لدي النظام هنا فرصة ذهبية ليتعامل
مع تلك الأحداث بتسامح وحكمة ورحابة صدر بالعفو أو معاقبة الذين قاموا بها حصراً.
ولكن وبدلاً من ذلك أعطيت الأوامر لاجتياح واستباحة مدينة حماة على طريقة
المغول لتكون عبرة لغيرها في المستقبل. فارتكبت مجزرة راح ضحيتها خمسون ألفاً من
المدنيين العزل، إلى جانب آلاف حوادث الاغتصاب والتعذيب، وكل ذلك خلال أيام
معدودة.
الخطيئة الثامنة: ارتكاب مجزرة ضد اللاجئين الفلسطينيين في مخيم (تل الزعتر) في
لبنان من نفس العام 1982 راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ. لا لشئ ولكن لاختلاف
في وجهات النظر السياسية مع منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات الذي رفض
أن يأخذ أوامره من النظام السوري.
الخطيئة التاسعة: ارتكاب مايسمى بمجازر السجون. فتم في زمن الأسد الأب ارتكاب مجزرة
سجن تدمر عام 1980 والتي راح ضحيتها المئات من المساجين العزل الذين أطلق
عليهم الرصاص بدم بارد. كما وتم في زمن الأسد الابن ارتكاب مجزرة سجن صيدنايا
عام 2008 والتي مازال عدد ضحاياها وطريقة قتلهم قيد التكتم ويقدر بالمئات.
الخطيئة العاشرة: واليوم نرى النظام يتوج خطاياه السابقة باستباحة كافة المدن السورية
هذه المرة، وليس مدينة واحدة كالماضي، ويوقع عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمعتقلين.
وكذلك حوادث إغتصاب النساء وتعذيب الأطفال والاجهاز على الجرحى وسرقة أعضائهم على
مرأى ومسمع من العالم الذي يشاركه المسؤولية بما يقوم به (بالتزامه الصمت وضبط
النفس واطلاقه المبادرات والخطط والمهل واعطائه الفرص تلو الفرص للحوار والحلول
السلمية)
مع كل هذه الخطايا، لاشك أن أمام النظام
حساباً عسيراً يوم تقوم الساعة. ولكن وإلى أن يحين ذلك الوقت، فان الشعب سيحاول أن
يجعله يدفع أيضاً دفعة على الحساب في الحياة الدنيا (على غرار القذافي) ثمن جرائمه
التي فاقت كل ماعرفته الانسانية من قبل.
***
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
الاثنين 10 جمادي الأول 1433، 2 نيسان، ابريل 2012
هيوستن / تكساس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق