بسم الله الرحمن الرحيم
هذه جمعة متميزة، هي لكل السوريين؛ فلا استثناء
ولا تفريق .. وهي في رواية أخرى جمعة "نظام لا عهد له"، حيث شهدنا _وشهد
معنا العالم_ على النظام في نقضه للعهود، ونكثه للعهود، وخُلْفه للمواثيق .. لميعد
أحد ممن أعطاه الله شيئًا من الوجدان اليقظ، والضمير الحي يصدقه في أي ادعاء يطلقه،
أو كلام يتشدق به، أو دعاوى يتفوه بها؛ وقد كرس لذلك كله إعلامًا مدججًا بالدعاوى المفبركة،
والروايات المضللة، والأخبار الملفقة الكاذبة ..
إن
جمعة الثورة لكل السوريين قد كشفت دعاوى هذا النظام وتبجحاته أمام حلفاء منتفعين حتى
أحرجتهم، وبين ساسة مراوغين فراهنوا عليه وخسروا بمزايداتهم، وعلى حكام مهزومين فألجمت
أفواههم، وثبطت عزائمهم، وأوهنت قواهم .. لكن الشعب السوري الثائر هو الذي أعطى الدرس
البليغ لكل هذه القوى التافهة، والزعامات التافهة، والنفوس المريضة..
الشعب
الذي انطلق منذ صباح هذه الجمعة _وهي اليوم الثاني لوعود مبادرة عنان المشتركة_ قد
قرأ على الجميع بيان الثورة التي لا تلين، وبلاغ رسالتها في الإرادة التي لا تتراجع
أو تستكين .. إنها شعلة الحقالتي أوقدها شباب في ربيع سورية الزاهي، ولن تنطفئ حتى
تكشف كل كهوف الظلام، ولن تهوي حتى يعم النور مستقبل هذه الأمة، ولا يمكن أن تغيب وعلى
أرضنا ظالم مستبد، أو طاغية متجبر كذوب ..
يدعي
نظام الغدر والخيانة _الذي فضحته ثورة كل السوريين_ أو جماعات إرهابية وعناصر مندسة،
وفئات متطرفة هي التي تقوم بكل ما جرى ويجري حتى الآن من تدمير شامل، وقتل متعمد، وحملة
شرسة تستأصل البشر والشجر والحجر، يدعي ذلك، ويفتري به في كل موقع وعلى كل مكان حيث
يتقول على شعبنا المسالم وإنساننا الحر الجريء، وهو يعلم أن هذا الشعب لا يملك من الوسائل
ما يحمي بها نفسه من الطغيان المجنون، والقتل المتعسف، والإفساد الشامل المبيد ..
من
أين جاء هذا الدمار، ومن قام به، ومن نشره على أرضنا في سورية العزيزة، وما هي الوسائل
التي نفذته .. أليست هذه كلها عند هذا النظام المجرم.. إنه يعلم تمام العلم أن تنفيذ
أي بند من بنود هذه المبادرة الأممية المشتركة، وعلى يد قوى هي أقرب إليه منها إلى
جانب الشعب الأعزل .. سوف تفضحه على رؤوس الأشهاد .. فإذا ما جاء المراقبون الموعودون
في هذه المبادرة فسوف تنجلي من الحقائق ما يضاعف دهشة العالم من جرائم اقترفت ومجازر
ارتكبت، وفظائع نفذها وحوش في ثياب آدمية لا ترعى حرمة، ولا تملك حسًّا إنسانيًّا،
وقد تلين قلوب الوحوش الضواري، وقلوبهم لا تلين، ونفوسهم الخبيثة لا تعف أو ترتدع أو
تتورع..
ثورة
لكل الشعب السوري؛ انتفاضة جماهيرية عارمة للسوريين جميعًا بلا عنف ولا مواجهة خرجت
بأكثر من ستمئة نقطة ثائرة بوجه النظام الذي أسقط مبادرة الأمم المتحدة بعشرات الخروقات
التي سجلتها وسائل الإعلام وتنسيقيات الثورة، وقد لاحقت اللاجئين إلى مهاجرهم ومخيماتهم،
وهو ما يؤكد طبيعة هذا النظام الإجرامية وسِمَتَهُ التي لا تنفك عنه .. فقد قام هذا
النظام بالإكراه والغدر والغيلة، واستمر بالعنف والقسوة والتدمير، وهو يحاول أن يبقى
على تلال من الجماجم، وبحور من الدماء، ومشاهد من الأنقاض والخراب، ولكنه خاب وخسر،
فسوف يسقط ويزول، ولا بد مما ليس منه بد ...
21/جمادى/1433هـ
13/4/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق