رغم اختلافي مع الشيعة في تفسيرهم لفقه الرسالة
المحمدية إلا أنني كنت على الدوام أنظر إليهم باحترام لتبنيهم قضية ظلم الحسين و استشهاده
عليه السلام. وكنت أجل فيهم أكثر من غيرهم إدراك معنى الشهادة و الموت لأجل القضية
والمبدأ.
أما وقد رأيت كيف يداس على المبدأ بالحذاء
و تباع القضية في سوق المصالح و يذهب الدم
المسفوك هدراً فهذا والله ما أخزاهم في عيني و جعلني أميز شيعة الحسين الأوائل أصحاب
المبدأ عن شيعة اليوم أصحاب النفاق.
منذ أيام وقعت حادثة قتل متعمد على الحدود
اللبنانية السورية لم تأخذ صداها المطلوب في الإعلام بل على العكس كانت هناك محاولات
لتدارك هذه الحادثة في محاولة لتبرئة الجاني، و الجاني هنا هو القوات الأمنية السورية
التي قامت بقتل المصور الصحفي علي شعبان من تلفزيون الجديد حيث قامت القوات السورية
بإطلاق النار عليه مع زملائه فأردته قتيلاً رغم مروره بكل مهنية وسلم من أمامهم و إلقاءه
التحية عليهم. لقد حمل المصور علي شعبان كاميرته قاصداً هدفاّ نبيلاً و هو كشف الحقيقة
لمن التبست عليه الحقيقة، فعالجه رصاص الغدر في صدره وراح شهيداً في سبيل الحقيقة.
المشكلة ليست باستشهاده، فهذا شرف لا يدانيه
شرف، إنما المشكلة في من باع دمه على شاشات التلفزيون و أخذ يتاجر بدم هذا الصحفي و
كأنه في سوق نخاسة، و ما كان يؤلمني حقاً هو تنكر من كان يعلق صورهم في خزانته و منهم
حسن نصر الله فهذا الزعيم ( المتشدق دائماً بمعاني الشهادة لأجل القضية) لم يحرك ساكناً
هو و حزبه أمام الفاجعة و لو من باب التعاطف المذهبي، بل على العكس استلمت قوات حزب
الله مهمة تنظيم التشييع كي لا تخرج الأمور عن السيطرة و يظهر من يصدح بالحقيقة من
بين المشيعين.
لقد باعوا دمك يا علي شعبان بالكذب والبهتان،
باعوا دمك للشيطان، أرهبوا أقربائك وزملائك كي يخنقوا ضمائرهم، قتلوك مرتين، بل قتلتك
أمك مليون مرة حين قالت أن من قتلك هو إسرائيل و أمريكا رغم استشهادك على الحدود الشمالية
و بين كتائب الأسد المسعورة و بفعل متعمد منها.
القصة واضحة وضوح الشمس، قوات من النظام السوري
تطلق النار مباشرة على فريق عمل تلفزيون الجديد في منطقة مسيطر عليها بالكامل من قبل
قوات الأمن و حرس الحدود السوري، تعبر سيارة الفريق الحاجز الأمني بكل مهنية و يبدأ
إطلاق النار على السيارة. لقد أعطى الضابط المسؤول أمراً مباشراً بإطلاق النار على
الصحفيين، فهم كانوا عند معبر غير رسمي و هذا الضابط قد غرست فيه عقيدة التخوين و أن
كل صحفي من خارج الحدود هو خائن و عميل فاصدر الأمر ميدانياً بالقتل و هكذا كان.
إن النظام السوري بأجهزته الأمنية البربرية
التي لا تعلم سوى لغة الرصاص تعمل كآلة في القتل و هذه الأجهزة تم تدجينها في ظل عقلية أمنية ترى الشر في كل من يخالف رؤية
القيادة، فالحقيقة الواحدة هي ما يراه الأسد و نظامه فلا مكان عندهم لاستجداء الحقيقة
ما دامت الحقيقة - حسب زعمهم - تبث يومياً على شاشات النظام السوري و من يقترب لمجرد
التأكد فمصيره القتل.وما مصير الصحفيين جيل جاكيه وماري كولفن و وليد بليدي وغيرهم
الكثير إلا نموذجاً عن نفس المصير الذي لاقاه الشهيد علي شعبان.
لقد كان تلفزيون الجديد الذي يعمل به الشهيد
علي شعبان من تلفزيونات الموالاة للنظام السوري و لخط المقاومة (المزعوم)و مالك المحطة
صديق مقرب للدائرة الضيقة في النظام السوري. وكان الإعلام السوري و على رأسه قناة الكذب
الدنيا تستقي بعض أخبارها من تلفزيون الجديد حتى وقعت حادثة الشهيد علي شعبان فتحولت
قناة الجديد بين عشية وضحاها من قناة راعية للمقاومة إلى قناة صهيونية بامتياز بنظر
الإعلام السوري !!!
واستعرت حرب إعلامية بين فريقين كانا بالأمس
يطبخان(الكذب) سوية فما الذي حدث ؟!
عند استشهاد المصور علي شعبان كان معه في السيارة
أفراد من طاقم تلفزيون الجديد و قد تعرضوا جميعهم لإطلاق النار و لكن كانت الشهادة
من نصيب المصور علي، أما زميله الذي استطاع الهروب و الاختباء و هو حسين خريس فقد ظهر
مذعوراً من هول ما حدث حينما جاءت لموقع الحادثة المخابرات اللبنانية ( العميلة للنظام
السوري) و تم أخذ إفادة سريعة و مباشرة من حسين خريس باتهام القوات السورية بإطلاق
النار على الفريق. ووصلت الأخبار للجميع و لكن روايات الكذب كانت جاهزة لتبرئة القوات
السورية كما على الدوام حتى لو قتلت هذه القوات نصف سكان العالم !
لقد تغيرت الحقيقة على لسان حسين خريس بعد
ساعات من اعترافه بنفسه و هو الشاهد العيان على الحاثة حيث غير أقواله من اتهام مباشر
للقوات السورية إلى (إطلاق نار من المنطقة المختلطة )... مختلطة !!! والله أن المختلط
هو عقل من يصدقكم.
لقد جاءت الأوامر بعدم اتهام النظام السوري
و قالت قناة الكذب الدنيا أن تصريحات حسين الأولى أتت وهو (يبكي) لتنقض روايته الحقيقية,
أي أنها طالبت المشاهدين بتصديق رواية(المختلطة) و التي جاءت مطابقة تماما للرواية
السورية!!!
لقد كان على الجميع من أقرباء الشهيد ومعارفه
و محطته وطائفته أن يقر بالرواية الرسمية للنظام، المطلوب منهم كان خيانة دم الشهيد
و قد فعلوه باقتدار حتى أمه التي اتهمت أمريكا و إسرائيل بالحادثة !!!
أيها الشيعة لقد قتلتم علياً ألف مرة حين سكتم
عن دمه, هل هذه مبادئكم ؟؟! هل هذه تعاليمكم يا أتباع الحسين ؟؟!! لا والله بل لو كنتم
كذلك لجهرتم بالحق ولكن هيهات فمن اعتاد الكذب لا يمكن له أن يصدق.
أما الآن و قد شربتم من نفس الكأس التي كان
يترعها النظام السوري لمعارضيه و ها قد جعل الله كيدكم في نحركم و فاحت رائحة خيانتكم
حتى لأبنائكم فلا رأي لكم ولا قرار ولا حتى اعتراض، فهل لديكم الجرأة لتسيروا مظاهرة
للتنديد بما جرى، أهل درعا فعلوها، و بعدهم أهل حمص، و بعدهم أهل دمشق و بعدهم وبعدهم...
هل لمستم الفرق ؟
إن جل ما ظهر للعيان هو هذا العداء الذي ظهر
بين محطتي الدنيا و الجديد طبعاً مع تناسي الحادثة الرئيسية التي هي المحور و الأساس.
لقد استعرت بين المحطتين و هما أكذب من بعض عداوة نبش على إثرها الكثير من الترهات
و صارت محطة
الجديد وكأنها في خط الثورة السورية فسبحان
مغير الأحوال...
أما بقية المحطات الشيعية فأقصى ما فعلته هو
نشر خبر تشييع الشهيد علي شعبان أما ملابسات الحادثة فتم التعتيم عليها أو تشويهها
أو حتى قلب حقيقتها بالكامل.
لم يظهر علينا( صاحب الوعد الصادق) حسن نصرالله
على التلفزيون ليدين الاعتداء من الجانب السوري و لم يظهر علينا (السيد المفوه) نبيه
بري ليدين الاعتداء من الجانب السوري بل خرس الجميع عن سطوة الإرهاب السوري و راح دم
الشهيد علي هدراً.
علي شعبان من الآن هو شهيد الثورة السورية
شاء من شاء و أبى من أبى، نحن سنتبنى قضيته فلا تدنسوا دمه الطاهر بترهاتكم، فنحن لم
نخن يوماً شهداء ثورتنا وكنا نتمنى لو حملناه على الأكتاف نشيعه و نهتف له كما هتفنا
لرفاق دربه فأنتم لا تستحقون شرف حمله على أكتافكم يا باعة الحقيقة والضمير.
بقلم : الرشيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق