يشير مصطلح
المجتمع المدني إلى كلِّ أنواع الأنشطة التَّطوعيَّة التي تنظمها الجماعة، حول
مصالح، وقيم، وأهداف مشتركة. وتشمل هذه الأنشطة المتنوِّعة، الغاية التي ينخرط فيها
المجتمع المدنيُّ، تقديم الخدمات، أو دعم التَّعليم المستقل، أو التَّأثير على
السِّياسات العامَّة.
ففي إطار هذا
النَّشاط الأخير مثلاً، يجوز أن يجتمع مواطنون خارج دائرة العمل الحكوميِّ؛ لنشر
المعلومات حول السِّياسات، أو ممارسة الضُّغوط بشأنها، أو تعزيزها "معاقبة
صانعي السِّياسات أو مكافأتهم".
ويضم المجتمع المدنيُّ مجموعة واسعة النِّطاق من
المنظمات غير الحكوميَّة، والمنظمات غير الربحيَّة التي لها وجودٌ في الحياة العامَّة،
وتنهض بعبء التَّعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها، أو الآخرين، استناداً إلى اعتبارات
أخلاقيَّة، أو ثقافيَّة، أو سياسيَّة، أو علميَّة، أو دينيَّة، أو خيريَّة. ويطلق على
هذه المنظمات مصطلح: "منظمات المجتمع المدنيِّ".
وهناك اجتهادات
متنوِّعة في تعريف مفهوم المجتمع المدنيِّ، تعبِّر عن تطوُّر المفهوم، والجدل حول طبيعته،
وأشكاله، وأدواره. فالمعنى المشاع للمفهوم هو "المجتمع السِّياسي" الذي يحكمه
القانون تحت سلطة الدَّولة. لكن المعنى الأكثر شيوعاً هو تمييز المجتمع المدنيِّ عن
الدَّولة، بوصفه مجالاً لعمل الجمعيَّات التَّطوعيَّة، والاتحادات مثل: النَّوادي الرِّياضيَّة،
وجمعيَّات رجال الأعمال، وجمعيَّات حقوق الإنسان، وجماعات الرِّفق بالحيوان، واتِّحادات
العمال وغيرها. أي أنَّ المجتمع المدنيَّ يتكوَّن ممَّا أطلق عليه إدموند بيرك الأسرة
الكبيرة.
في المقام الأول
يهتمُّ المرء بسبل عمله ومعيشته، ليكفي حاجته، وحاجة أفراد أسرته بالغذاء والسَّكن
وغير ذلك من لوازم الحياة. ولكن يوجد بجانب ذلك أشخاص كثيرون يهتمُّون بالمجتمع الذي
يعيشون فيه، ويكونون على استعداد للتَّطوع وإفادة الآخرين. أي أنَّ المجتمع المدنيَّ
ينمو بمقدار استعداد أفراده على العطاء بدون مقابل لإفادة الجماعة. هذا يعتبر من "الإيثار
العام". وفي المجتمعات الدِّيموقراطيَّة تشجِّع الحكوماتُ على ذلك النَّشاط.
شهدت سنوات العقد
المنصرم، توسُّعاً مذهلاً في حجم ونطاق وقدرات المجتمع المدنيِّ، في جميع أنحاء العالم،
مدعوماً بعمليَّة العولمة، واتساع نطاق نظم الحكم الديمقراطيَّة، والاتِّصالات السلكيَّة
واللاسلكيَّة، والتَّكامل الاقتصاديِّ.
ووفقاً لحوليَّة
المنظمات الدَّولية، فقد زاد عدد المنظمات غير الحكوميَّة الدَّولية من 6000 عام
1990م إلى ما يزيد على 50 ألفاً عام 2006م. وأصبح لمنظمات المجتمع المدنيِّ دور بارز
في تقديم المساعدات الإنمائيَّة على مستوى العالم؛ حيث يشير تقرير منظمة التَّعاون
والتَّنمية في الميدان الاقتصاديِّ إلى أنَّ هذه المنظمات قدَّمت مساعدات تقدَّر بحوالي:
15 مليار دولار أمريكي، من المساعدات الدَّولية حتَّى عام 2006م. كما أصبحت منظمات
المجتمع المدنيِّ أيضاً جهات مهمَّة لتقديم الخدمات الاجتماعيَّة، وتنفيذ برامج التنمية
الأخرى، كمكمِّل للعمل الحكوميِّ، لا سيَّما في المناطق التي يضعف فيها التَّواجد الحكوميُّ،
كما في أوضاع ما بعد انتهاء الصِّراعات. ولعلَّ أحدث وأبرز مثال على مشاركة منظمات
المجتمع المدنيِّ في إغاثة ما بعد الكوارث، جاءنا من آسيا أثناء عمليَّة الإعمار فيما
بعد تسونامي بعد عام 2006م.
كما اتَّضح تأثير
منظمات المجتمع المدنيِّ في تشكيل السِّياسات العامَّة على مستوى العالم خلال العقدين
الماضيين. ويبدو هذا النَّشاط جليَّاً، من خلال الحملات الدِّعائيَّة النَّاجحة التي
تدور حول قضايا بعينها، مثل: حظر زراعة الألغام الأرضيَّة، وإلغاء الدُّيون، وحماية
البيئة، والتي نجحت في حشد آلاف المساندين في شتَّى أنحاء المعمورة. وثمَّة مظهر حديث
من مظاهر حيويَّة المجتمع المدنيِّ العالميِّ، هو المنتدى الاجتماعيُّ العالميُّ، الذي
يعقد سنويَّاً منذ عام 2001م، في قارات مختلفة، وشهده عشرات الآلاف من ناشطي منظمات
المجتمع المدنيِّ، لمناقشة قضايا التَّنمية العالميَّة. ويعدُّ النِّداء العالميُّ
لمكافحة الفقر، وهو حملة دوليَّة للمجتمع المدنيِّ تدعو إلى الإعفاء من الدُّيون، وزيادة
المعونات للبلدان الفقيرة، مثالاً آخر على حيويَّة المجتمع المدنيِّ وأهميَّته. وتشير
تقديرات إلى أنَّ هذه الحملة حشدت في عام 2008م أكثر من 116 مليون مواطن، للمشاركة
في أحداث وأنشطة الوقفة، احتجاجاً على الفقر، والتي نُظِّمت في مختلف مدن العالم.
إنَّ قطاع المجتمع
المدنيِّ لا يبرز فقط كجهة فاعلة واضحة على المستوى المجتمعي في أجزاء كثيرة من العالم،
لكنَّه يتَّسم كذلك بتنوُّع ثريٍّ في طبيعته وتركيبته. ولهذا السَّبب، تتفاوت تعريفات
المجتمع المدنيِّ بدرجة كبيرة، استناداً إلى اختلاف النَّماذج التَّصوُّريَّة، والأصول
التَّاريخيَّة، والسِّياق القطريِّ العام.
أرأيتم - يا
سادة – أنَّ نظام عائلة الأسد في سوريَّة، وغيره من الأنظمة الاستبداديَّة
القمعيَّة الدَّمويَّة، لا يعرفون ولا يعترفون بمنظمات المجتمع المدنيِّ، وأيُّ
منظمة مجتمع مدنيٍّ ترفع رأسها، أو تقدِّم أوراقها للاعتراف بها، تتَّهم بأنَّ لها
تواصل واتِّصال مع الأجنبيِّ: الأمريكيِّ والإسرائيليِّ، ثمَّ يتابع أفراد هذه
المنظمة النَّاشئة، ويحقَّق معهم، والتُّهم جاهزة، والمحضر معد مسبقاً، حتَّى
الحكم جاهز، وهو السجن لمدد حسب مزاج ضابط المخابرات ورغبته.
يقول الكاتب
السُّوري: حسين العودات: يمتنع النِّظام
السِّياسيُّ السُّوريُّ عن إعطاء الرُّخص إلى منظمات المجتمع المدنيِّ، والجمعيَّات
الأهليَّة منذ أربعين عاماً، باستثناء تلك التي تتعلَّق بجمعيَّات خيريَّة محضة. وفي
الأحوال كافَّة، لا يسمح هذا النِّظام بتأسيس جمعيَّة أهليَّة، أو منظمة مجتمع مدنيٍّ،
مهما كانت أهدافها وبرامجها، بما في ذلك الأهداف الثَّقافيَّة أو التَّعاونيَّة أو
غيرها، إلا بموافقة مسبَّقة من السُّلطات الأمنيَّة. لذلك، لم يتجاوز عدد الجمعيَّات
الأهليَّة في سوريَّة بكاملها خمسمائة جمعيَّة معظمها خيريَّة. أمَّا المنظمات ذات
الطَّابع الثَّقافي، أو الاجتماعي، فلا تُمنح رخصة عمل إلا في حالات استثنائيَّة نادرة.
واستمرَّ الأمر
على هذا النَّحو حتَّى عام 2000م حين تسلَّم بشَّار الأسد السُّلطة، وتحدَّث في خطاب
القسم عن التَّعدُّديَّة، والرَّأي الآخر، وتنشيط المجتمع. فبدا هذا التَّغيير وكأنَّه
فرصة نادرة، شجَّعت على قيام منظمات، وجمعيَّات للمجتمع المدنيِّ في سوريَّة. فتكاثرت
هذه الأخيرة بشكل لم تشهده البلاد من قبل، حتَّى أنَّها لم تنتظر موافقات الجهات ذات
الصِّلة للسماح لها بالعمل رسميَّاً، وإعطائها الرُّخص.
أحدثت هذه المنظَّمات،
والجمعيَّات، والمنتديات، حركة اجتماعيَّة حقيقيَّة في سوريَّة، وبدا وكأنَّ المجتمع
استعاد أنفاسه مع هذه المنظَّمات، والجمعيَّات غير الحكوميَّة، التي نشطت للمرَّة الأولى
منذ أربعة عقود. إلا أنَّ هذا ما سبَّب الخشية لدى السُّلطة السِّياسيَّة، حيث أنَّها
لم تعتد على أن يبادر المجتمع، ويقيم منظماته التي تتولى تنشيط حركته، ومشاركته في
الحياة العامَّة. فعمدت هذه السُّلطة على إغلاق المنتديات، ورفضت الطَّلبات المقدَّمة
إلى وزارة الشُّؤون الاجتماعيَّة كلَّها، والتي كانت تنتظر ترخيص اللِّجان والمنظَّمات،
وحاولت خنق هذه النَّشاطات كلِّها، إلا أنَّ النُّشطاء في هذا المجال، حاولوا إيجاد
بديل، فقاموا بتأسيس لجان إحياء المجتمع المدنيِّ، وحدَّدوا مهمَّتها، بتنشيط اهتمام
المجتمع بقضاياه الاجتماعيَّة، والثَّقافيَّة، والمطلبيَّة، والأهليَّة، وغيرها. وما
زالت السُّلطة السِّياسيَّة تنظر إلى هذه الجمعيَّات نظرة ريبة، وتعتبرها جزءاً من
المعارضة السِّياسيَّة، وتتعامل معها كما تتعامل مع الأحزاب غير المرخَّص لها، وترى
أنَّ نشاطاتها ذات أهداف سياسيَّة، بما في ذلك نشاطاتها الاجتماعيَّة والثَّقافيَّة.
وقد اعتقلت السلطات أخيراً أعضاء مجلس إدارة منتدى الأتاسي للحوار الدِّيموقراطيِّ،
وعلَّقت أعمال المنتدى. غير أنَّ النَّاشطين في هذه اللِّجان والمنظَّمات، ما زالوا
يسعون إلى توسيع عملهم ونشاطهم، وتأسيس لجان جديدة، رغم الصُّعوبات التي يواجهونها
من ملاحقة السُّلطة لهم، وخوف أبناء المجتمع من الانخراط في نشاطاتهم.
هذا، وقد عملت
المعارضة السُّورية في الخارج، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الوسط
السُّوري، على تنمية وتنشيط منظَّمات المجتمع المدنيِّ، وشُكِّلت عدَّة روابط
كرابطة أدباء الشَّام، ورابطة العلماء، ورابطة الأكاديميين السُّوريين، ورابطة
كتَّاب الثَّورة السُّوريَّة، وروابط ومنظَّمات أخرى، وهذا إن دلَّ على شيء،
فإنَّه يدلُّ على رقيِّ وتطوُّر الشَّعب السُّوريِّ، وتطلُّعه إلى إنشاء دولة مدنيَّة
تعدُّديَّة شوريَّة، ومن المعلوم أنَّ سوريَّة هي أوَّل دولة عربيَّة شكَّلت
برلمان، بعد استقلالها.
هذا، وقد
تواصلت منظَّمات المجتمع المدنيِّ السُّوريِّ في المعارضة، مع منظَّمات المجتمع
المدنيِّ في العالم، وشرحت لهم ما يجري في الواقع السُّوريِّ الآن، وتحصَّلت على
بيان يُدين جرائم عائلة الأسد بحقِّ المتظاهرين السِّلميين، وهذا نصُّ البيان:
بيان منظَّمات المجتمع
المدنيِّ العربيَّة والدَّوليَّة المشاركة في منتدى المستقبل الثَّامن
إنَّنا نحن الموقِّعين
على هذا البيان، من منظَّمات المجتمع المدنيِّ المشاركة في منتدى المستقبل الثامن المنعقد
في مراكش: 17 و 18 أيلول / سبتمبر/ 2011م
ندين بأشدِّ العبارات،
الجرائم ضدَّ الإنسانيَّة المرتكبة في سوريا، من قبل النِّظام السُّوري، ضدَّ شعبٍ
أعزلٍ يطالب بحريَّته. وندعو المجتمع العربيَّ، والمجتمع الدّوليَّ؛ لتحمُّل مسؤوليَّاته
فوراً تجاه الشَّعب السُّوريِّ، والسَّعي إلى إيقاف المجازر، عبر آليَّات القانون الدّوليِّ، والعمل على تقديم من تثبت مسؤوليته عن الجرائم إلى
المحكمة الجنائيَّة الدّولية. وسنسعى للعمل
فوراً على الاتِّصال بمنظَّمات المجتمع المدنيِّ الصَّديقة في روسيا، والبرازيل، والهند،
وجنوب إفريقيا، لدعوتها للانضمام إلى المساعي الدَّوليَّة في سبيل إدانة ما يحصل في
سوريا، من خلال الضَّغط على حكوماتها التي ما زالت تتخذ، في مجلس الأمن الدَّوليِّ،
موقفا ملتبساً من جرائم واضحة وموصوفة ضدَّ الإنسانيَّة.
المنظَّمات الموقعة
· الفيدراليَّة
الدَّوليَّة لحقوق الإنسان
· مرصد
العالم العربيِّ للدِّيمقراطيَّة والانتخابات ـ فلسطين
· مبادرة
الإصلاح العربيِّ
· المنظَّمة
المغربيَّة لحقوق الإنسان ـ المغرب
· مؤسسة
النِّساء من أجل المتوسط – الجزائر
· الرَّابطة
الجزائريَّة للدِّفاع عن حقوق الإنسان – الجزائر
· جمعيَّة
حقوق ومواطنة – المغرب
· الجمعيَّة
الكويتيَّة للمقوِّمات الأساسيَّة لحقوق الإنسان – الكويت
· مركز
دبي لرعاية النِّساء والأطفال – الإمارات
· اتِّحاد
الشبيبة الديمقراطي العراقي – العراق
· مركز
عدالة لدراسات حقوق الإنسان – الأردن
· الجمعيَّة
الكويتيَّة لحقوق الإنسان – الكويت
· مركز
دراسات حقوق الإنسان – المغرب
· جمعيَّة
الشَّفافيَّة الكويتيَّة – الكويت
· المنبر
الصَّحراوي من أجل الدِّيمقراطيَّة والعدالة الاجتماعيَّة – المغرب
· مركز
المعلومات والتَّأهيل لحقوق الإنسان – اليمن
· جمعيَّة
الوعيِّ السِّياسيِّ – تونس
· جمعيَّة
شباب الثَّورة ـ تونس
· مركز
ابن خلدون – مصر
· جمعيَّة
الخريجين – الكويت
· المنظمة
اللِّيبيَّة للتَّنمية وحقوق الإنسان ـ ليبيا
باسم الله الرحمان الرحيم.
ردحذف1- وجوب تحرير الأراضي و المناطق التي بجانب و حدود مع إسراائيل........أرجو أن تصل الرسالة إلى كل كتائب الثورة....."إن عدتم عدنا و جعلنا جهنم للكافرين حصيرا"8 من الإسراء.
باسم الله الرحمان الرحيم.
ردحذف1- وجوب تحرير الأراضي و المناطق التي بجانب و حدود مع إسراائيل........أرجو أن تصل الرسالة إلى كل كتائب الثورة....."إن عدتم عدنا و جعلنا جهنم للكافرين حصيرا"8 من الإسراء.
باسم الله الرحمان الرحيم.
ردحذف1- وجوب تحرير الأراضي و المناطق التي بجانب و حدود مع إسراائيل........أرجو أن تصل الرسالة إلى كل كتائب الثورة....."إن عدتم عدنا و جعلنا جهنم للكافرين حصيرا"8 من الإسراء.