قد نشترك في الحالة النفسية جميعنا، من حيث أننا كسوريين نعيش مرحلة قد لانحسد عليها، يُكوى بنارها الجميع، المؤيدين للثورة والمحاربين لها، ولكن هناك منغصات، وفي مواقف معينة تدعو للتفاؤل،وكثوار علينا أن نستقر دائماً جهة التفاؤل، ونجبر عدونا على الوقوف في الطرف المقابل.
فالذي يهمنا بالمقام الأول والأخير
هو الحالة النفسية العالية للثوار والمؤيدين لهم والداعمين بالقول أو بالفعل أو
بالقول والفعل، وهنا لابد من التركيز على هذه الحالة النفسية العالية المليئة
بالتفاؤل والتي ترى النصر أمامها ماثلاً، وسيتضح ذلك في وقت من الأوقات قصر أو بعد
ذلك الوقت، ولكن كلما كان التفاؤل عالياً كلما قصرت المدة لتحقيق الهدف الأسمى
للشخص المتفائل، على حساب اليائس والذي لايستطيع رؤية أي بقعة بيضاء حوله أو في
داخله .
يعتقد علماء النفس أن العقل
اللاواعي أو العقل الباطن، والتحكم فيه هو الذي يجعلك سعيداً أو يجعلك تعيساً، هو
الذي يسعد صديقك عندما تلقاه، وتقول له أراك منشرحاً الآن، فتُدخِل المسرة في نفس
صديقك وكذلك أنت، ولكن عندما تكون يائساً، وتخاطب نفس الصديق، فإنك لن تلاحظ على
ملامحه السعادة مهما كانت ظاهرة للعيان، وستطغي على سعادته تعاستك ويأسك .
لقد اعتمد شبيحة العصابات المجرمة
في سوريا ورئيسها هذه الحالة منذ انطلاق
الثورة، وكذلك الدول والمنظمات المؤيدة له، في الظهور بمظهر المتفائل دائماً، وأن
الأزمة قد انتهت، مع أن الحقائق على الأرض تثبت عكس ذلك، ولكن الظروف الدولية
ساعدتهم وكذلك بعض المعارك التي خاضوها، ومارسوا فيها أحقر انواع الاجرام، متمثلاً
في حمص والدخول لبابا عمرو وبعدها ادلب، ونفخوا كروشهم واحمرت آذانهم وطالت
حتى أصبحت كآذان الحمير، وألسنتهم كألسنة
الأبقار، متفاخرين بنصر عظيم, وهل النصر يكون في تدمير مدن وبلدات وقرى وارتكاب
أبشع المجازر،في المناطق التابعة لنفس الدولة؟!
ولكن العاصفة مرت، وكانت معركة
بابا عمرو، بحق هي المنعطف الأعظم باتجاه نجاح الثورة فلو اختار ثوارنا الأبطال
طريق اليأس والقنوط، لكانت الثورة قد انتهت بالفعل بعد معركتي بابا عمرو وادلب
الخضراء، ولكن والحمد لله وجد الثوار في هاتين المعركتين فرصة لاسترجاع الأخطاء
وتداركها في المستقبل والانطلاق من جديد بقوة وبتصميم أكبر، إن المجازر التي حصلت
في حمص وادلب، أيقظت شعور الكثير من الشعب السوري وامتدت الثورة لتشمل مناطق كانت
شبه غائبة عن الثورة، فهاهي دمشق وحلب لم تعد تفصلهما عن الثورة في باقي المدن شيء
يذكر، وأصبح الجيش الحر والكتائب المسلحة والمقاتلة والتي تملك حق الدفاع عن النفس
أفضل تخطيطاً، وأكثر تجمعاً، وضرباتها موجعة للعدو، لتستعيد الثقة بذاتها وكذلك
عودة الثقة للثوار السلميين .
فعلينا أن نركز في هذه المرحلة
كناشطين وناشرين ومعلقين وسياسيين، على ايصال نفسية العدو إلى الحضيض، في التفاؤل
بالنصر القريب، ومعه التهديد والوعيد لهؤلاء القتلة والمجرمين، فارتقاب الشر أصعب
من وقوعه، وكيف لا والحقائق تظهر دائماً في نفوق الكثيرون منهم على أيدي مجاهدينا
الأبطال .
سألني البارحة صديقين عزيزين نفس
السؤال، بعدما تحدثنا عن الوضع وكل بمفرده، أراك متفائل بالنصر ؟
فقلت نعم, منطلقاً من الوقائع ومما
يجول في قلبي وتحدثه لي روحي (العقل الباطن ) بأن النصر قادم بمشيئة الله تعالى .
والانتخابات التي جرت اليوم، تثبت
تفاؤلي والسبب هو :
أين هي سيطرة الدولة من السخرية
التي عبر عنها الشعب الثائر في معظم المحافظات السورية؟
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق