وقبل الحديث عن التوقعات نسأل هنا
كبداية :
لماذا اندلعت الثورة في سوريا ؟
فلو طرحنا هذا السؤال في الأشهر
الأولى من قيام الثورة، أعتقد أن الجواب سيكون الآتي :
الثو رة انطلقت بعد أن نضجت عوامل
الثورة، ضد حكم ديكتاتوري ظالم قمعي وإقصائي دمر البلاد والعباد، بالقتل والاعتقال
والتشريد ونهب أموال الناس، بحيث أدى ذلك لهبوط التطور الفردي والاجتماعي في سوريا
ينحدر لمرتبة الصفر تقريباً،و الدليل على ذلك، أن نسبة الأمية في سوريا في
الستينات من القرن الماضي كانت تحتل المرتبة الثالثة مقارنة مع الدول العربية، بعد
الكويت ولبنان، بينما في سنة 2010 أصبحت سوريا تحتل المرتبة الثامنة عشرة بارتفاع
نسبة الأمية وتدنيها في الدول العربية الأخرى،
فالثورة هي ثورة شعبية ضد نظام حكم
مستبد وديكتاتوري وظالم وفاسد
والسؤال الآن الثورة هي ضد من وما
أهدافها ؟
الثوار بشكل خاص والمؤيدين للثورة
بشكل عام، يوجهون الاتهامات للدول العربية والاسلامية، ولمجموعة الدول في مجلس
الأمن، لعجزهم عن دعم الثورة السورية، أو عدم رغبتهم في المساعدة على اسقاط النظام
الفاجر، مع ان الجرائم المرتكبة والتي ترتكب بحق الشعب السوري جرائم حرب من الدرجة
الأولى بشهادة لجان حقوق الانسان، وكذلك معظم دول العالم وصلت لهذه القناعة، ومع
هذا لاتتقدم خطوة واحدة باتجاه مناشدة ضمائرها للتحرك وإنقاذ ماتبقى من المجتمع
السوري،
فلو سألني إنسان أمريكي وقال لي
بعد انتصار الثورة واسقاط النظام ماهو طبيعة الحكم القادم ؟
ولو افترضنا ان هذا الأمريكي هو
عضو مشترك في معظم مجموعات الثورة والموجودة على الفيس بوك، فعندها سأجد نفسي من
المستحيل أن أعطيه جواباً مقنعاً، وإن أعطيته جواباً على سبيل المثال أن الثورة هي
ضد حكم ديكتاتوري فاسد، وعندما نسقط هذا النظام فإن سوريا ستصبح بلد الحرية، كدولة
ديمقراطية حديثة تضم جميع السوريين، ولا وجود للتمييز على أساس العرق أو العقيدة
أو المذهب،
فحتماً ستكون قناعته صفراً، لأن
الموجود على الصفحات إلا في القليل منها يتفق مع هذا الرأي، فالغالبية من الناشطين
على صفحات الثورة، أخذت تصنف الناس لأصناف شتى :
أولاً على أساس طائفي، وثانياً على
أساس انتماء فكري، وثالثاً على أساس عرقي، ورابعاً على أساس اثني
فكل من لاينتمي للطائفة السنية فهو
عدو، وكل شخص لاينتمي فكرياً من الطائفة السنية لمجموعة الاسلاميين كتعبير مجازي،
فهو علماني كافر لايمكن الوثوق فيه ويحل قتله، وبالتالي المشروع القادم الخلافة
الاسلامية التي ستكون مركزيتها في دمشق لتنطلق منها وتسيطر على العالم كله، وبين
هؤلاء يوجد من يقول : كل من لاينتمي لطريقنا فدمه مباح وما بقي من ملكه أنفال
وسبايا،
في المقابل استطاع النظام جر الناس
طائفياً من خلال الفيديوهات المسربة، والتي تعمل على النفس الطائفي، ليزداد الشحن
الطائفي عند الطائفة الأخرى، وفي نفس الوقت استجداء الدعم الخارجي على أساس طائفي،
في مقابل الدعوات الموجودة والمتوعدة بإبادة الطائفة الأخرى إبادة تامة مع تغذية
هذه الرؤيا من قبل إسرائيل أنها مستعدة لاستقبال مليون ونصف لاجيء من الطائفة،
بالاضافة إلى ذلك الدعوات القومية والمنادية بالتقسيم والانفصال، وكذلك الدعوات
على أساس التقسيم الطائفي،
والمعارضة في الخارج تقدم الدعم
على أساس الانتماء الفكري أو غيره من الأمور، وكأن الثوار والذين لاينتمون لهذا
الفكر أو ذك هم ليسوا بثوار،
وفي نفس الوقت نعيب على العالم
ونتهمه بأبشع الاتهامات وأقذع الشتائم، بينما مشاريع الكثير من نشطاء الثورة على
هذه الصفحات، تقول لهم عندما ننتهي من بشار سيأتي دوركم طبعاً، فهل من المعقول أن
نناشد مجتمعاً لمساعدتنا، ونقول له عندما نقوى سيكون مصيرك كمصير النظام !!!!،والتخوف
من القادم حتى داخل المجتمع السوري نفسه
لايعيب عليك أن تطرح مشروعك
السياسي وأهدافك وانتماءك الفكري، عندما يكون عندك وطن، ولكن عليك أن تعترف
بالآخرين كما تعترف بنفسك،
فالثورة السورية تحولت لصراع
أجندات في داخل الثورة، والنظام المجرم يبطش بالجميع،مستفيداً من تخوف العالم من
القادم، ومن التشتت والصراع الحاصل بين أجندات المعارضة السورية ،
وهنا أجيب على السؤال : نعم ستنتصر
الثورة فقط عندما تعود لأصلها الذي انطلقت من أجله، وتوحدت كلمة الجميع حول الهدف
الواحد هو اسقاط النظام لبناء الدولة السورية الحديثة، وأن سوريا وطناً للجميع
ويعاقب المجرم على جرائمه، لأن العصابات المجرمة في سوريا تضم جميع أنواع الطيف
السوري
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق