على
مدار السنة والشهرين من عمر الثورة السورية، كنا نناشد العالم أن تبقى ثورتنا سلمية
شأنها شأن جميع ثورات الربيع العربي التي أسقطت أنظمة عتيدة غاية في الطغيان والتعالي
والإجرام، وكان أول الساقطين سيء العابدين، وتلاه فرعون مصر، ثُم جزار ليبيا الذي تعاون
العالم أجمع على إسقاطه لما يدخره هذا البلد من الثروة والهامشية الجغرافية، فتنادوا
مُصبحين، أنّ سفاحاً يقتل شعبه، وجاءوا مشكورين، ولاقوا الترحيب العربي والليبي على
الخصوص، وعلى أبواب سورية توقفوا ... لانفط فيه فائضاً فهو منهوب لآل الأسد، ولامغانم
اقتصادية حقيقة فهي مشفوطة لهذه العصابة، وإنما هو جشع سياسي، ورعونة أخلاقية، ونظرة
استعمارية مقيتة لايهمها الإنسان بقدر مصالحها، التي تستلزم التواطؤ بغية إضعاف البلد
عبر دعم مستبديه لإخضاعه وتمزيقه وتفتيته، وتخوفات لامكان لها لصالح الكيان الصهيوني،
على الرغم مما التزمت به المعارضة والثورة باحترام المواثيق والمعاهدات الدولية المُنظمة
لدول الجوار،
هذا إضافة إلى استرخاصها للدماء، وعدم إحساسها بنكبة السوريين من هكذا
زمرة ، حتى كاد هذا العالم المُمثل بالمجتمع الدولي أن يكون شريكاً لهذا المجرم السفاح ألأسدي، الذي
فاقت جرائمه نيرون وهولاكو، وبالتالي لم نجد أي مبرر لكل هذا التواطؤ العالمي، سوى
مايمثله نظام العمالة والإجرام من التبعية والخسّة والنذالة، فلم نكن في سورية نود
أن ننجر الى رفع السلاح، مع تحذيراتنا السابقة من الوصول لهكذا وضع، ولكن بعد سنة من إمعان آل الأسد وعصاباته في القتل والتلذذ بدماء السوريين، قرر الثوار بعدها
امتلاك بعض السلاح للدفاع عن النفس والأعراض والممتلكات، بعد اجتياح حماة الثانية في
رمضان، وكنا نتخوف كثيراً من الوصول لهذه النقطة، وكُنا نُحذر منها، ولكنها الضرورة
من أوصلتنا إليها، واليوم أرى التنادي إلى الدعوة للجهاد والكفاح المسلح قد يصير أمراً
واقعاً عمّا قريب، ولايستطيع أحد منعه حينها، مع أننا إلى الآن نحن نرفض هذا الخيار،
ولا زلنا نتمنى على المجتمع الدولي مُعاونتنا لعدم الفوضى التي لابد منها عندما نجد
التخلي لإنهاء نظام المجرم بشار، الذي لم يترك للفاشستية والنازية مكان، بل جرائمه
فاقت أي تصور، والمجتمع الدولي هو من سيتحمل مسؤولية ماقد تذهب إليه الأمور إن لم يقم
بواجباته، ليكون من حق شعبنا أن يستنجد بمن يُعينه عند الخذلان، وهو إنذار ندق نواقيسه،
لأن الأمور عندما تتفلت من عقالها، فما من أحد يستطيع لجمها، وخاصة وأن الجيش يحصل
فيه الانشقاقات الكبرى، وعندما ستصبح زمام الأمور بأيدينا، حينها قد تُرفض أي يد عون،
ليقلع شعبنا العظيم شوكه بيده، وسيُلطخ حينها جبين العالم المتحضر بالعار، وسيُكشف
النقاب عن حجم التآمر، وستكون الانهيارات الكبرى في جسم النظام الغربي، وتُكنس الكثير
من تلك الأنظمة المتواطئة ضد الإنسانية الى مزابل التاريخ
ولقد رأينا عند بداية الثورة التونسية، حجم
التواطؤ الغربي مع سيء العابدين بن علي، والذي أدّى إلى الفضيحة مما اضطر الغرب للتراجع
والاعتذار، وفضيحة بلسكوني مع القذافي، بينما الأمور في سورية أشد وأعتى، وهذا مايجب
كشفه للرأي العام العالمي، فعصابات آل الأسد المُسماة بالنظام لم تترك وسيلة لذبح الشعب السوري إلا واستخدمتها
جهاراً نهاراً، بدءاً بالقتل قنصاً وذبحاً، وقصفاً بالمدافع والدبابات والطائرات، وانتهاك
الأعراض , وحرق الممتلكات، وتدمير المدن فوق ساكنيها، والاعتقالات المُهينة لعشرات
الآلاف، وما يُرتكب بحقهم من جرائم التعذيب والموت بسببه، ليكون آخر ابتكارات عصابات
آل الأسد تفجير السيارات، في المناطق الآهلة بالسكان، ومن المُستغرب أنّ هذه التفجيرات
في معظمها لاتكون إلا صبيحة يوم الجمعة لتخويف الناس من الخروج للتظاهر، ولذا كان على
الشعب السوري أن يتطلع إلى من يمد له يد العون، وليس ذلك العون على الطريقة الأوربية
أو مجلس الأمن، الذي منع عن المجرم بشار بعض مواد الترفيه، وأصدر بذلك لائحة لمنعه
من شرائها، وهو بكل الأحوال يستطيع جلبها عبر وسيط، لنستدل على مدى الاستهتار في النظر
الى الشأن السوري، وتواطؤ الغرب في قتل الشعب السوري، والشك في مهمة المراقبين الدوليين،
الذين لم يُعطونا إلا المذابح في راواندا والبوسنة، حين كان الأمين العام للأمم المتحدة
آنذاك كوفي عنان، مما يجعلنا أكثر حاجة للتطلع إلى حلول وابتكارات لاتعتمد على الخارج
المتواطئ، والممتنع عن نصرة الشعب السوري، عبر تسليح الجيش السوري الحر، أو ضرب قصور
المجرم بشار، ومواقع القرار الذي تصدر منه الأوامر لقتل الشعب السوري، أو مواقع تحرك
الآليات وأسلحة القتل، بل ستكون الأيام القادمة في اعتمادنا على الذاتية السورية بجيشنا
السوري الحر، وسنناشد إخواننا العرب والمسلمين، وأصدقاءنا من حركات التحرر والنضال
للانضمام إلينا، ولن نستغرب إذا ماتقاطرت الجموع من الغرب، وفاعليات سياسية وإنسانية
حقوقية دولية داعمة للوقوف إلى جانب الشعب السوري
ومن هنا جاءت الحملة الثورية التي تقول أنا
سوري، نعم السوريين صنعوا المعجزات، نعم السوريين سيتغلبون على كل الإشكالات، نعم السوريين
لن يقفوا مكتوفي اليد أمام جرائم النظام، نعم السوري يعني كافة الانتماءات والأعراق
على الساحة السورية، السوري يعني الحرية وعليه نزلت الرسالات، ولن تستطيع قوّة ان تؤد
طموحه وأحلامه، والسوري يعني الترابط والتلاحم بعيداً عن التنابذ والفرقة، فالسوري
هو الدرعاوي الحصن الحصين للثورة، وهو اللاذقاني الذي أجج أوارها، وهو الجبلاوي الذي
هبّ للنصرة، وهو الحمصي الذي صنع المجد بصموده، وأعاد أمجاد الأجداد الأماجد، ولقن
العدو ألأسدي الدروس في التضحية والفداء، وهو الدمشقي أول من أشعل شرارة الثورة، وهو
الحلبي الذي أشغل العصابات الأسدية عن باقي المدن والبلدات، بعدما حاول أن يكون له
شرف التفجير، وهو الحموي الذي لم يكل ولم يمل، وبقي مشعلاً وهاجاً يُذيق تلك الطغمة
المتسلطة القذا في أعينهم، إلى أن تسقط تلك العصابات، وهو الديري ذاك الظهر والعربي
الأصيل، وكان ولازال ذاك الفارس الذي يُرينا العجائب في براعته في مواجهة آل الأسد،
وهو الحسكاوي المحسوكين في حلق آل الأسد الأنجاس، لم تهدأ عزيمتهم، ولم تفتر قواهم،
بل هم قوة متجددة، والوقود للثورة،، وهو الإدلبي الشامخ، الذي أبى إلا النزال بكل قوة
وصرامة لعصابات آل الأسد، فكان بحق الفخار والقوة والصلابة، وهو الكردي المُجابه، والدرزي
رافع الراية، الذي لازال يتذكر جدّه سلطان الأطرش في عملية تحرير سورية، ولا يرضى بأن
يكون له دور أقل من التحرير الثاني، وهو العلوي الشريف الأصيل غير المنضم لعصابات آل
الأسد، والذي يقف الى جانب أخيه السنّي لافرق بينهما، وهو يُدافع عن حقوق شعبه، وهو
المسيحي فارس الخوري عنوان التسامح والتعايش، هو الوطن بكافة بقاعه وأُطره ومكوناته،
هو الحرية التي سينتزعها من عصابة المافيا التي تتحكم بسورية، وهو الإرادة الصلبة التي
لاتلين، حتى تطهير سورية من آخر أسدي حقير، والله أكبر والنصر لشعبنا السوري العظيم
مؤمن محمد نديم كويفاتيه mnq62@hotmail.com، كاتب وباحث معارض سوري، نائب رئيس الهيئة الإستشارية لتنسيقية الثورة
السورية في مصر
مؤقتاً هاتف في اليمن 00967715040030 أو 00967777776420
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق