رحماك يا رب .. فهذه ثورة يتيمة، يتصالح عليها
الأعداء، ومن يتظاهرون أمامها بأنهم أصدقاء ..لقد عرف العالم ذلك التحالف الأسود الذي
يضم إيران، وحكام العراق، وحزبهما في لبنان، وهو تحالف إقليمي طائفي مذهبي حاقد ..
يسانده بشكل غير مباشر الصمت العربي، أو الكلام الصاخب الذي لا حقيقة فيه، ولا واقع
فعليًّا له؛ بل إن إعلانه أشد مرارة على القضية السورية وأكثر ضررًا..
هذا
في النطاق الإقليمي .. أما الدولي فقد أصبحت روسيا ومن معها، أو من وراءها الصين، الحليف
الرئيس للنظام إلى الحد الذي وضع سياساتها في الشرق الأوسط ومع سورية بخاصة في حرج
كبير، وأزمة مستعصية، تحاول هذه الدولة إياها تجاوزه أو تقفز عليه، فليس من المتعارف
عليه دوليًّا أن تجاهر دولة ما مهما بلغ ساستها من العناد واللامبالاة؛ بمعاداة الرأي العام العالمي،
وتجاهل حقوق الإنسان والشرائع التي تدين جرائم الدول .. مما تواضع عليها البشر بأنها
تنفر منها الطبائع، وتعاقب عليها القوانين، وتتجنب الدول كلها الوقوع في مباءاتها،
صدقًا كان ذلك التوجه أم نفاقًا لكن روسيا وتوابعها لم تعد ترى في ذلك شَيْنًا يلحق
بسمعتها .. كل ذلك خدمة للنظام الذي ترى فيه ذراعًا استراتيجيًّا لمصالحها غير ذات
المنظور البعيد .. فكان دعمها المادي إلى جانب المعنوي هو أحد شرايين الحياة للنظام،
هذا هو حال حلفاء النظام، وقد بسطنا طرفًا من شأنه، إلى جانب الموقف الغربي الصامت
أو المنافق، وإسرائيل الحاكمة لهذه المواقف، والمتربصة بهم من ورائهم، قل مثل ذلك في
مبادرات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والقسم العربي المخفي منها والظاهر .. هؤلاء هم
أعداء الثورة السورية التي تقف بوجه كل هذه الجبهات ..
لكن
ما لم يلاحظه المراقبون، وقد يخفى على كثير من الثوار أنفسهم، وجمع كبير من الغيورين
الذين يعيشون مع هذه الثورة في معاناتها، ومع ثوارها في جهادهم الميمون .. هو ذلك الذي
يجري تحت الطاولة _كما يقولون_ وبعيدًا عن الانظار .. القصة منذ بدايتها أنه كان هناك
فريق ممن يلبسون مسوح الحكمة، ويتصنعون مظاهر التأني والهيبة والاتزان، ويقصدون في
خطابهم كما يزعمون مصلحة الشعب السوري وعدم الانجرار إلى مستنقعات الحرب الأهلية، ومواطن
الفتن الداخلية التي لا يريدونها للناس بعامة، بل كان منهم من يرى أن هذا النظام قوي
ومتماسك، ومن العبث ان نهدر طاقات الأمة في مجابهة محسومة برأيهم لصالحه، ولا نقصد
بهؤلاء من هم هيئة معروفة باتجاهها مع النظام، بل نقصد من يدعون حمل عبء الثورة ..
فهم يتحركون في سراديب ترتبها أجهزة سرية تعمل في الخفاء، وترتب لقاءات في أماكن لا
يصل إليها إلا المعنيون لمثل هذه الشؤون الخاصة ..
هؤلاء
يبيعون القضية بأبخس الأثمان، ويصافقون عليها في سوق الأقبية المغلقة، ويبادلونها بفرص
موهومة، يريدون منها وجاهة زائفة، ومتعة عابرة، ومنفعة رخيصة ..
هذا
ما جرى قبل أيام في مكان قريب من أجهزة رضيت بعد تمنع، وأعطت بعد عتاب، وتسامحت بعد
أن جرى الحساب .. نحن لا نعلم ما جرى تمامًا، لكن ما نحدسه أنه رخيص لا يرضي الذين
يقدمون دماءهم فداء، وأرواحهم عطاء، وكل شهوات هذه الدنيا حبًّا وولاء .. والعجيب أن
هؤلاء السماسرة يعيشون في بُلَيْهِنَة هنية، ورفاهة رخية .. سبعة نجوم للمنام، وأضعاف
أعدادها للطعام، والمال والأولاد واللباس والأرياش على أعلى مرام .. فما الذي يلجئكم
إلى مثل هذا المقام ..!!؟؟
أيها
المتهالكون على السواقط من الأهداف، والحقير من المطالب، كفوا عن الثورة مباذلكم، وجنبوها
رذائلكم، واجعلوا آمالكم في نصيب الأتقياء الأنقياء المضحين، وإلا فقد خسرتم وخاب مسعاكم
.. وإذا كانت النفوس كبارًا تعبت في مرادها الأجسام.
8/جمادى الثاني/1433هـ
30/4/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق