الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-04-01

دروس وعبر من الفتوحات العربية الإسلامية لبلاد الشام، فضل الشام وأهله(1) – بقلم: الدكتور أبو بكر الشامي


بسم الله الرحمن الرحيم
* بلاد الشام تاريخيّاً : هي البلاد التي تضم اليوم : فلسطين ، وسورية ، والأردن ولبنان.
قال ابن الفقيه الهمداني ( أجناد الشام أربعة : حمص، ودمشق، وفلسطين، والأردن ). مختصر كتاب البلدان...

وهي بلاد عظيمة مباركة ، خصّها الله بالفضل في قرآنه العظيم في أكثر من موضع ، كما وردت في فضلها عشرات الأحاديث النبوية الصحيحة ، ولقد أجمع علماء الأمة ، وفضلاؤها، وعقلاؤها ، على فضلها وبركتها أيضاً...

* قال تعالى مخبرًا عما قاله موسى عليه السلام لقومه (( وإذ قال موسى لقومه يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ، وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ ، فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ)) [المائدة 21]


ولقد روى ابن عساكر ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، أن الأرض المقدسة : هي ما بين العريش إلى الفرات، وروى عبد الرزاق عن قتادة أنها الشام، والمعنى واحد . (تفسير المنار)

* وقال الله تعالى : (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى ، الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ، لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ، إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) [الإسراء 1]

فقد أخبر الله في هذه الآية ، أنه بارك الأرض التي حول المسجد الأقصى، وهي أرض الشامالتي تشغلها الآن : سورية، ولبنان، والأردن، وفلسطين .

وهذه البركة غير مقيدة، فهي شاملة لكل أنواع البركة، بركة بالثمار ، والأنهار، والأنبياء؛ فهو مبارك ببركات الدنيا والآخرة .

* وقال تعالى يتكلّم عن سيدنا إبراهيم عليه السلام : (( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ )) [الأنبياء 8]

ولا خلاف بين جميع أهل العلم بأن هجرة إبراهيم عليه السلام كانت من العراق إلى الشام . ( تفسير ابن جرير ).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( معلوم أن إبراهيم إنما نجاه الله ولوطًا إلى أرض الشام من أرض الجزيرة والعراق ). مناقب الشام وأهله

* وقال الله تعالى: (( وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ، وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ، إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )) [يونس 93]

والمبوأ : هو مكان الإقامة الأمين، وأضيف إلى الصدق لدلالته على صدق وعد الله تعالى لهم به، وقد ذكر ابن جرير أن هذا المكان هو الشام وبيت المقدس.

* وأما أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم في فضل الشام فهي كثيرة ومنها: - عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم نؤلف القرآن من الرقاع ( أي نجمعه ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا طوبى للشام ، يا طوبى للشام ، يا طوبى للشام ) .!
فقلنا لأي ذلك يا رسول الله؟ قال : ( لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها). أخرجه الحاكم والترمذي، وصحّحه الألباني .

- وعن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودًا مجندة، جند بالشام، وجند باليمن، وجند بالعراق). قال ابن حوالة : خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال:
( عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غدركم، فإن الله توكل لي بالشام وأهله).
 أخرجه أحمد والحاكم وأبو داود، وصحّحه الألباني رحمه الله

قال العز بن عبد السلام رحمه الله : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، أن الشام وأهله وساكنيه في كفالة الله تعالىوحياطته، ومن حاطه الله تعالى وحفظه لا ضيعة عليه .

- وعن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي قال : (اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا ).
قالوا يا رسول الله، وفي نجدنا .!؟
قال : ( اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا)
قالوا يا رسول الله، وفي نجدنا .!؟
فأظنه قال في الثالثة : ( هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان). البخاري
والمراد ( بنجد ) الوارد في الحديث ،العراق.

قال الخطابي : نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهل المدينة، وأصل النجد ما ارتفع من الأرض.
 فتح الباري

- وأرض الشام رباط وثغر إلى يوم القيامة، وهي عقر دار المؤمنين ، كما جاء في حديث جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ الْكِنْدِيِّ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم ؛ فَقَالَ : ( لا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَحَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ، وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَعُقْرُ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ).
أخرجه النسائي وصحّحه الألباني .

-     وعن معاوية رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال :
( إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، لا تزال طائفة من أمتي منصورين ،لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة) رواه الترمذي وأحمد وابن حبان

- عن أبي الدّرْدَاءِ رضي الله عنه ، أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ:
( فُسْطَاط المُسْلِمِينَ يَوْمَ المَلْحَمَةِ بالْغُوطَةِ إلَى جَانِبِ مَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشّامِ ) رواه أبو داوود وصحّحه الألباني رحمه الله

والغوطة هي المنطقة المحيطة بدمشق من شرقها تقريبا ، وهي في محافظة ريف دمشق الآن .

- وعن أبي أمامة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(صفوة الله من أرضه الشام ، وفيها صفوته من خلقه وعباده ، ولتدخلن الجنة من امتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب) رواه الطبراني

* وأما أقوال العلماء في الشام فأكثر من أن تحصى ، ولقد اخترت منها قول المقدسي في : ( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) ، حيث قال :
(( إقليم الشام جليل الشأن ، ديار النبيين ، ومركز الصالحين ، ومطلب الفضلا ،
به القبلة الأولى ، وموضع الحشر ، والمسرى ، والأرض المقدّسة ، والرباطات الفاضلة ، والثغور الجليلة ، والجبال الشريفة ، ومهاجر إبراهيم ، وقبر وديار أيوب وبئره ، ومحراب داوود وبابه ، وعجائب سليمان ومدنه ، وتربة إسحاق وأمّه ، ومولد المسيح ومهده ، وقرية طالوت ونهره ، ومقتل جالوت وحصنه ، وجبّ أرميا وحبسه ، ومسجد أوريّا وبيته ، وقبّة محمد وبابه ، وصخرة موسى ، وربوة عيسى ، ومحراب زكريا ، ومعرك يحي ، ومشاهد الأنبياء ، وقرى أيوب ، ومنازل يعقوب ، والمسجد الأقصى ، وقبر موسى ، ومضجع إبراهيم، ومقبرته ، وموضع لقمان ، ووادي كنعان ، ومدائن لوط ، وموضع الجنان ، والباب الذي ذكره الرجلان ، والمجلس الذي حضره الخصمان ، وقبر مريم ، وراحيل ، ومجمع البحرين، مع مشاهد لا تحصى ، وفضائل لا تخفى ، وفاكة ورخا ، وأشجار وأميا ، وآخرة ودنيا ، به ترقّ القلوب ، وتنبسط للعبادة الأعضاء ... إلخ )).

وبعدُ ... فهذه هي الشام ، وهذا هو فضلها وفضل أهلها ...
ولقد تسلّط عليها اليوم حفنة من اليهود وعملائهم الأوباش في غفلة من العرب والمسلمين ، وعاثوا فيها تقتيلاً ، وظلماً ، وإذلالاً ، وتخريباً ، وتدميراً ، عبر ما يزيد على خمسين سنة من السنين العجاف ...

ثم انتخى لهم أهل الشام النجباء ، خيرة الله في خلقه ، رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً ، يتقدّمهم ، ويحدو ركبهم ، أبطال جيشنا السوريّ الحرّ النشامى ...
ويشدّ من أزرهم كل أصيد أغرّ من أهل التوحيد ، ومن أبطال العروبة والإسلام من أمتنا المجيدة ...

وأيم الله ، لو لم نجد إلا الذرّ لنجاهد به ، لما تركنا قتلة الأنبياء ، وأبناء الخنازير ، وأكلة لحوم البشر ، ولصوص التاريخ ، وعملاءهم الأوباش من القرامطة والحشّاشين وأحفاد أبي رغال وابن العلقمي ونصير الكفر الطوسي من الباطنيين والرافضة المجوس الصفويين ، يعيثون في شام الأنبياء والمرسلين ، وموطن العلماء العاملين ، ودار الأبدال الصالحين ، وقبلة المجاهدين الفاتحين وفينا عين تطرف ...
فيا خيل الله اركبي ، و يا رياح الجنّة هبّي ، و يا جنود الله شدّوا ، و يا مآزن الشام كبّري...

بسم الله الرحمن الرحيم
((قاتلوهم يعزّبهم الله بأيديكم ، ويخزهم ، وينصركم عليهم ، ويشف صدور قوم مؤمنين ، ويذهب غيظ قلوبهم ، ويتوب الله على من يشاء ، والله عليم حكيم )) [التوبة 14]  صدق الله العظيم
الدكتور أبو بكر الشامي
6 جمادى الأولى / 1433 هجري
29 آذار / مارس / 2012 ميلادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق