الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-05-03

المعارضة السورية والسجن المفتوح بقلم: د. محمد وليد حياني


يكثر تلاوم المعتقلين من الفرقاء السياسيين فيما بينهم في السجون، ويدرأ كل منهم عن نفسه تهمة أنه السبب في إخفاق قضية نضالية نتيجة قراره الخاطئ، بل ربما يتطور الأمر بأحدهم إلى جلد نفسه على مواقف فاتته وفرص أضاعها، كل مانوَهْنا إليه يكون في سجن مادي، كما هو عليه الحال في سجون النظام،التي ماعادت تتسع للأحرار, الذي قام بتحويل الملاعب الرياضية إلى سجون ، سجون فيها محققون وجلادون وسجانون وحبس انفرادي, وصمت رهيب، وهدوء قاتل، وأعصاب مستنفرة، وحبس وتكبيل للحرية والإرادة ولا يملك المسجون هناك قول ’’ لا ’’, لكن من الغريب والعجيب أن تصاب المعارضة بقضها وقضيضها، إلا مارحم ربي، وهي حرة طليقة بحالة المسجونين أو المحبوسين، وتقف عاجزة ولا تنبس ببنت شفة عن الوقوف أمام قرار أممي صادر عن مجلس الأمن ذي الرقم 2043 أو تبعاته، وهي مسلوبة الإرادة، ونست المعارضة العتيدة  حتى اللاءات الكاذبة التي كانت ترددها الأنظمة العربية في قممها ضد إسرائيل، وتقف مذهولة اليوم أمام مايجري، فاغرة فاها من هول ذلك المشهد الذي يتعرض له الشعب المنتفض على نظام القمع والعسف والتهميش والتهجير .


نعم  لقد بصمت المعارضة بعشرها على هذا القرار الأممي وتلتزم به، ولا تستطيع الانسحاب منه مخافة أن يقال عنها مايقال، أو أن يتقوَل عليها النظام  بتصريحات نارية تعود أن يطلقها للعالم : انظروا إلى هؤلاء، إنهم لايريدون وقف العنف والقتل وإيقاف المجموعات الإرهابية المسلحة…. لقد كان القرار الأممي روسيا – سوريا بامتياز، ووقع النظام على بنوده أمام الملأ العالمي، وعرف كيف يتلاعب به على أعين الناس بمناورة بعيدة المدى ؛  نعم دخل المراقبون الأمميون بقبعاتهم الزرق، وتهلَل وجه النظام وصفق لهم، وحفَهم بآلياته ومجنزراته وجنوده  كسوار لمعصم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وعلى بعد أمتار منهم يستمر مسلسل العنف وشلال الدم .

نعم لقد سحب النظام آلة القتل والدمار من داخل المدن إلى أطرافها وربما غطاها أو صبغها بألوان أخرى، وتركها على أهبة الاستعداد للانقضاض على المدن والبلدات مرات ومرات, وربما حولها في كثير من المناطق عن أيمان الطرق إلى شمائلها، والمراقبون الأمميون يمرون بجانبها ولا يرون ولايسمعون ولايتكلمون، وإن سجلوا خرقا فاضحا لوقف إطلاق النار يسجلون ولا ندري متى يتكلمون، وكأن عدوى المعارضة السورية انتقلت إليهم فأصابهم النحس، وعدد الضحايا لم يتغير لامن قبل ولا من بعد، وعاود النظام اجتياح مناطق لم يكن اعتدى عليها أصلا، واستمر في بناء جدار الفصل العنصري في حمص … فأين المعارضة التي لا تملك الــــ لا  أمام قرار ساوى بين الضحية والجلاد، الذي تطور عبر بان كيمون اليوم ليتراجع عن أساسيات القرار, ويضع العربة أمام الحصان، ويتهم الجماعات المسلحة كما النظام في خرق وقف إطلاق النار ؟؟؟

لقد أتقن الروس اللعبة هذه المرة، ومن كثرة ما أفرطوا في تناول قضية الإرهابيين المسلحين، انتقلت العدوى إلى وزيرة الخارجية الأمريكية لتحك ذقنها في عدم اكتراث لحمام الدم الذي يسري على الأرض السورية، وهي تتلو تصريحها الصحفي، وجاء موقف حكومتها متوافقاً مع مواقف الغرب ومطابقاً لموقف الروس، مما زاد الطين بلة، فأين أصدقاء سورية ابتداء وانتهاء مما يجري، أين جعجعة فرنسا، وفلسفة بريطانيا ؟؟.

هل صار قدر الشعب السوري المنتفض ضد نظامه أن ينتظر إلى الخريف المقبل حتى تتلبد سماء أمريكا وترسل بقاصف على إيران، أو تتصالح معها، أو تتوصل معها إلى تسوية، وقضية سوريا كلها مؤجلة حتى ذلك الموعد، هل أصبح قدر السوريين بيد المنجمين كيوم فتح عمورية، حتى ينضج التين والعنب ؟؟؟  فأنى لنا بصيف ساخن، ينزل بقاصفٍ ساحقٍ ماحقٍ على هذا النظام، فينضج جلده وجلد أزلامه وشبيحته قبل نضج قضية إيران المتحالفة أصلاً قلباً وقالباً مع أمريكا  والكيان الصهيوني ضد الأمة العربية، وكل مايجري من تحركات في الخليج، وتقاذف في التصريحات النارية ماهو إلا ألعاب بهلوانية  لذر الرماد في العيون، وعلى عينك ياتاجر كما يقولون، ولولا تواطؤ النظام الإيراني مع التحالف العالمي الغربي، لما هدِمت البوابة الشرقية للوطن العربي، ولما وطئت سنابك خيول الأمريكان أرض بغداد.

أيها الأحرار … أيها الثوار ….أيها الشرفاء على امتداد وطننا الحبيب، لن تنفعكم المعارضة بشيء، إلا ما بقدر ضئيل - كمن يضع سائلا مغذيا في عروق مريض أقعـده المرض – ولن ينفعكم المجلس الوطني، طالما أن صوته لايشق عنان السماء ولا دعمه يملأ الآفاق، عليكم أنفسكم، لا يضركم من خالفكم، شكلوا مجلسًا وطنيًا حرًا في الداخل من بين ظهرانيكم على امتداد وطننا الحبيب، ولتبربز قياداتكم  إلى السطح، فالساحة تحتاج إلى قيادات ميدانية وقامات عالية ورايات يلتف حولها الناس، طالما أنكم مستمسكون ومتمسكون بحبل الله المتين، وتقولون وتلهج ألسنتكم وقلوبكم بـــ ’’ مالنا غيرك ياألله ’’ ولطالما أن أدعياء الدفاع والممانعة والدعم والإسناد نسوا حتى اللاءات الكاذبة التي كان العرب يطلقونها في الزمن الأول ضد عدوهم الافتراضي إسرائيل, وكأنهم داخل سجن افتراضي كمَم أفواههم وأقعدهم، وأفقدهم الحركة لإنقاذ بلدهم الذي يرزح تحت وطأة نظام قمعي وتآمر دولي.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق