أصحاب
المشاريع في الحياة, هم الصناع الحقيقيون لها, والبناة لمجدها,
ومن لم
يكن صاحب مشروع نافع, يعيش على هامش الحياة, لأنه في الغالب الأعم, يكون مشغولاً
بصغار المسائل, التي لا تعدوا أكله وشربه ومنامه
وغير ذلك من رتيب الحياة, وهي مهمة, ولا أعيب الباحثين عن
مظانها,
والساعين للحصول عليها, ولكن أعيب الذين يحصرون اهتمامهم بها, وهنا تكمن الطامة,
ويكون الألم.
أصحاب
المشاريع الإيجابية- حتى لو كانت صغيرة- مبدعون, لأنهم يبحثون عن سبل تمثل
المباديء, على أرض الواقع, متجسدة بصورة من صور التجسد, تحقيقاً لسنة تدافع, أو
وضع لبنة في بناء المصالح, ودرء المفاسد, أو مد جسر في برنامج عمل شامخ, يكون
صاحبه الأول, أو مساعداً في مشروع ضخم تقوده أمة, أو تتبناه جماعة.
ولا أدري
بأي وصف يوصف, الذين يعيشون على أرصفة الحياة, يتسولون صناعها, ويبحثون عن بقايا
خبز المترفين, الذين لم يعد بمقدورهم أن يأكلوا أكثر مما أكلوا, أو أولائك الذين
لم يدركوا خطر أن كون المرء, لا أدرياً, ولماذا ليس يدري؟ ليس يدري.
ذلك لأن
التيه أشكال وألوان, وصور واختلاطات, والغائص في أعماق الحياة, بصورة من هذه الصور
آنفة الذكر, هذا عالة على الحياة, وعبء على المجتمع, وحالة تبعث على التوفز لبدء
المبادرة بإلحاق عقاب بصاحبه.
أصحاب
الهمم, وبناة الحياة, وصناع الحضارة, تعددت برامجهم, وتنوعت
طرائق
عملهم, حتى تبلورت على شكل من أشكال الفعل الإيجابي الذي ربما بقي ما بقيت الحياة,
فمنهم من قدم مشروعاً علمياً, ما زالت آثاره – رغم مرور القرون- باقية, ينهل الناس
من معينه, على لغة من يقول: إن فلاناً من العلماء, كأنه يكتب بلغة اليوم.
ومنهم من
كان مشروعه, طرد محتل, وتحرير أمة, فسجل التاريخ مآثره,
بصحائف
من نور, وكتبت أيامه بماء الذهب.
ومنهم,
ومنهم, والقائمة طويلة, والبيان واسع, وهنا نشير, ولا نشرح, ونلمح ولا نبسط,
واللبيب تكفيه الإشارة.
والثورة
السورية, تحتاج إلى أصحاب الهمم من المبدعين, وقد ظهروا بصورة مختلفة, وحالات
متعددة, وأشكال متنوعة, تبرز بعمومها روعة
هذا
الشعب, وكبير إمكانياته في بناء المستقبل, وصناعة المجد.
ومن
هؤلاء المبدعين, الذين قدموا مشروعاً مهماً يخدم الثورة, ويقض مضاجع النظام, (
مشروع البخ على الجدران), وقد فرغ نفسه لهذه المهمة, ولا هم له سوى كتابة شعارات
الثورة, وجمل مشروعها الحضاري, على جدران شوارع دمشق الشام, كنانة الله في الأرض.
مشروع في
ظاهره متواضع, بل ربما استهان به بعض الناقدين, وقللوا من شأنه, أمّا عامة الناس,
فقد سعدوا به وصاروا يتقربون فنون إبداعه, حتى صار معروفاً ب: بخاخ الشام.
والنظام
الذي اعتاد على القمع والإرهاب, وتكميم الأفواه, لم يرق له هذا المشروع, ولم يقبل
بهذا النوع من المعارضة, فصار يرصد هذا المعارض الذي يحمل سلاحاً (خطيراً؟؟؟!!!),
إنه سلاح البخاخ, والكتابة على الجدران, وربما قالوا عنه: إنه مندس, أو جرثومة, أو
من العصابات المسلحة, أو من العملاء.
رصدوا
تحركاته, راقبوا خطواته, تتبعوا آثاره, نشروا المخبرين ليعرفوا من ( بخاخ الشام)
هذا؟
وهنا
تكون براعة النظام, في اصطياد معارضيه, وقتلهم في الشوارع, وقنصهم وهم يكتبون
شعارات الرفض لسياسته الرعناء, وحكمه الظالم, وفساده الظاهر.
رحم الله
بخاخ الشام, نور زهرا, وأسكنه فسيح جناته, وقاتل الله هذا النظام المجرم, ولا نامت
أعين الجبناء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق