بسم الله الرحمن الرحيم
لم
يكن أحد ممن يتابع الشأن السوري متفائلاً بخطة عنان الأممية، أو يتوقع لها نجاحًا،
حتى ولو كانت قد بدأت منذ قبولها من قبل النظام .. من قبل شهر من الزمن وهي تتعثر في
خطواتها، وتتمادى في آجالها، ويتقاطر رجالها بالمفرَّق .. هم بعد أسبوعين لا يتجاوزون
الستة المراقبين، وفي هذه المدة المتماهلة، أعلن ناطق باسم المبادرة أن اثنين أو ثلاثة
في الطريق، اثنان من هؤلاء في درعا الآن، واثنان في حمص، وقد يكون الآخران في مكان
ما من أرض الله في سورية ..
وحتى
يرى القارئ ما هي حصيلة هذه البعثة الدولية حتى الآن؛ فلا بد له أن يعلم أن شهداء الثورة
السورية، بعد مجيء المراقبين، قريب من خمس مئة، ولا تسل عن المصابين الجرحى، والمعتقلين
نتيجة عمليات التفتيش والملاحقة، والمزيد من الأسرى واللاجئين .. أما الصاروخ الذي
أصاب إحدى مناطق حماة، فقد استشهد من جرائه قريب من المئة، وتهدم فيه أكثر من خمس عشرة
بيتًا، ويحاول النظام تطويق حي بابا عمرو بسور جديدة حتى لا يخرج المتظاهرون، ويلتحقوا
بإخوانهم في ثورة الشعب الذي يواجه طغمة الغدر والخيانة ..
هذا
ما يحدث الآن، وبوجود بعض أفراد هذه البعثة التي ينظمها المجتمع الدولي، أملاً في أنها
سوف تحل القضية السورية، فقد أعدم النظام تسعة أشخاص في حماة بعد مقابلتهم للمراقبين،
وهو كما أصبح معلومًا يتقن لعبة الخداع المريرة التي يتشاطر بها على الشعب والأمم المتحدة،
والرأي العام؛ حيث يقوم بما يراه هو الحل الذي يحفظ له الحكم والسلطة والاستبداد
.. ثم تأتي قصة الانفجارات، وبخاصة يوم الجمعة التي رفعت شعار "أتى أمر الله فلا
تستعجلوه"، فقد كانت هذه الانفجارات حول المساجد التي ينطلق منها المتظاهرون،
فيتم تطويق الأمكنة التي ينتظر فيها مثل هذه التفجيرات مسبقًا، كما تحشد حولها سيارات
إسعاف مجهزة سلفًا، فهم على موعد ما سوف يحدث قريبًا، وكذلك البعثة الإعلامية اللازمة
للتغطية .. إنه النظام الذي لا يتورععن أي خطة مجرمة مهما كانت نتائجها الكارثية على
الشعب السوري ..
أمر
الله أتى على الشعب السوري، وقد وقع فيه، وهو راض عنه رضا المؤمنين، ثم تقبله وانطلق
فيه بعزيمة المجاهدين، وحاله أنه صابر عليه حتى ينال منه أجر العاملين .. فلم يكن منه
أي استعجال .. عملاً بأمر الله تعالى، فقد صبر على نظام الطاغين قريبًا من نصف قرن؛
بل لعله تجاوز حدود الصبر، حتى دخل في المستضعفين الذين أذن الله لهم بالثورة بعد هذا
الدهر الطويل، ومن هنا فقد كان الاستضعاف مريرًا، وكانت عواقبه باهظة، ولكن نتيجة الاستنهاض
بعده محققة بنصر الله، وقد بدت علائمه لائحة، وأماراته مشيرة إلى فرج واسع قريب ..
سبحان الله تبارك في علاه، فهو بالمرصاد لما يدبره الظالمون، ويكيده المجرمون، ويمكر
به الماكرون، حيث لا بد وأن يظهر عبيده الطائعين على أولئك الباغين، الذين لم يكونوا
إلا من الخاسئين ...
6/جمادى الثانية/1433هـ
28/4/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق