رب وامعتصماه انطلقت ** ملء أفواه الصبايا
اليتم
لامست أسماعهم لكنـها ** لم تلامس نخوة المعتصم.
بما ان الخطب جلل والمصاب عظيم فعوضا عن
ان انهي خطابي بأبيات من الشعر فيما جرت به
العادة آثرت ان أبدأ فيها لقوة معانيها و لشدة ملامستها واقعنا الذي نعيشه .
محاولا بذلك استنهاض همم اهل النخوة والغيرة من ابناء الامة.
وخطابي هذا أخص به الصامتين من
العلماء والمقصرين من التجار, فكلما اسمع صرخات الثكالى قلت اين انتم يا علماء
الشام أيعقل من قضى عمره يتلوا كتاب الله ويدرس سنة نبيه لا يحركه انتهاك عرض
حرائر وطنه وهي اما اخته في الدين وان لم تكن في الدين فأخته في المواطنة .
وكلما اسمع آهات المعذبين قلت اين انتم يا اصحاب الملايين
ايعقل بان تجار بلاد الشام المنتشرون في شتى اصقاع الارض عاجزون عن تجهيز جيشنا
الحر, فلو تبرع كل منهم بخمس ماله لأقاموا بها دولة أفلا تحرككم يا اصحاب الاموال
تلك المشاهد المؤلمة من قتل مروع ما شهده التاريخ قط , حتى الجثث لم تسلم من اذى
الطاغية وزبانيته فنكلوا بها تمثيلا وتشويها حتى بلغ بهم الامر بان منعوا دفنها .
فلا اعلم لما التقصير وقد بذل ثوار الداخل
الغالي والنفيس فجادوا بأغلى ما يملكون فحملوا ارواحهم على اكفهم .
ولماذا هذا الخذلان منكم لمن اراد لكم ان تحييوا احرار فقمعوا وسجنوا وذاقوا اصناف
العذاب في سبيل ذلك , فهل قست قلوبكم لتشغلكم اموالكم وأولادكم عن عرض يهتك ودم
يسفك لإخوان لكم في الدين , قبح الله الدنيا التي لا تعدل عند الله
جناح بعوضة , هل سلمتم بالعبودية للطاغية ورضيتم بالذل والهوان . فماذا دهاكم هل
من رجعة لتتداركوا انفسكم قبل فوات الاوان يوم لا ينفع الندم.
فيا اصحاب الملايين لا تمنوا على الامة بتقديم فتات
أموالكم , فيتبرع احدكم بألف دولار فيعتقد بذلك انه ادى الواجب المترتب عليه ,
وحقيقة ما يملك لا يتناسب ابدا مع ما قدمه .
فهذا موطن بذل وعطاء فانا لا اطالبكم
بالمستحيل فلم ادعوكم بتقليد الصحابة بالتبرع بجل أموالكم كما فعل
سيدنا عثمان رضي الله عنه حين جهز بمفرده جيش العسرة , فجيل الصحابة هو بحق جيل
فريد من نوعه ولكن ادعوكم للتشبه بهم , فأطالبكم بالتبرع بأدنى حدود المعقول فعلى
سبيل المثال لا الحصر لو ان احدكم يملك مائة مليون فليتبرع بخمسة منها.
وأعود لمخاطبة علماء الشام الى متى هذا الصمت الذي يمنح
الطاغية شرعية في التمادي بإجرامه أكثر فأكثر بصمتكم هذا تكونوا قد
اشتركتم مع الجاني في الجرم .ولتعلموا يا علماء التصوف بان ديننا دين العزة
والإباء و كل من يتذرع بذريعة ان ما يحدث هو فتنة فهو اما جاهل او دجال كائن من
كان, فالحاكم الجائر وجب الخروج عليه فما بالكم بالكافر من رضى ان يعبده اتباعه من
دون الله واستباح حرمة بيوت الله وذبح الاطفال لا لذنب يذكر إلا أنهم
من أهل السنة .
فيا علماء الدين انتم اعلم مني بما أعد
الله لعباده من نعيم بالجنة لمن جهر بكلمة حق عند سلطان جائر فكان عمله من اعظم
الاعمال التي يتقرب بها الى ربه , فهل يظن احدكم باستنكاره و لمرة
واحده لتلك المجازر و بكلمة خرجت من فيه على استحياء منه انه قد ادى الواجب الذي
وجب عليه تأديته , لا والله , فأدنى حد يقدمه ليبرأ ذمته من المسؤولية امام الله
ان يكون له موقف واضح مما يحصل فيعلن رفضه مما يقترفه هؤلاء الظلمة في كل نادي
فيقول لا للظلم ولا للطغيان ويدعوا الى محاسبة كل مسئول اجرم بحق العباد و استباح
الحرمات .
فأين انتم من هذه القمم الشامخة من سلفنا الصالح كالعز بن
عبد السلام رحمه الله و سعيد بن جبير الذي لم يثنه السجن و التعذيب و ىشدة بطش
الحجاج عن صدعه بالحق الى ان قتل على يديه رحمه الله تعالى فهذا حال السلف في
العهد البعيد وأما القريب منكم ففي عهد الهالك حافظ , ها هو
شيخ الصادعين بالحق الشهيد عبد الله ناصح علوان لم يمنعه وعيد ولا تهديد أن يوصل
كلمة الحق الى اكبر مسئول في الدولة . بل تجاوز ذلك ان صفع يوما مسئولا
كبيرا في الاستخبارات لاستهزائه بعلماء الدين .
فقد كلفه صدعه بكلمة الحق نفسه وماله و
ولده واحدى عشر شهيدا من عائلته و عشرات آخرين ما بين سجين ومهجرمحتسبا ذلك عند
الله لذا أختم خطابي بما خطه قلمه رحمه الله فلعله يلامس
قلوب الغافلين و يوقظ هممهم وكأنه حاضر بيننا اليوم مخاطبا ضمائر ابناء الامة في
خضم هذه المحنة فيقول رحمه الله : يا ورثة الأنبياء ويا دعاة الاسلام إني
أخاطب إيمانكم الذي لا يتزعزع ، وعقيدتكم الراسخة التي لا تنهار ، وأخاطب ضمائركم
وأرواحكم ... يا من لبستم في أنفسكم رداء المجد والكرامة ! ويا من ورثتم عن رسولكم
أداء الحق والأمانة ! ويا من عاهدتم الله على تبليغ الدعوة والرسالة ... سطروا على
هام الزمان كلمات الحرية والفداء ، وآيات العز والفخار ، ومواقف البطولة
والاستشهاد. ..
كتبه : محمد
عبد الله
بوركت على هذا المقال
ردحذفمقال موفق لعله يجد له آذذان صاغية
ردحذف