من الحكايات الشعبية، أنه اجتمع ثلاث رجال، كل واحد منهم يحمل علامة مميزة، الأول أصلع، والثاني أعور، والثالث بساق واحدة، وعلا الصراخ بينهم ووصل الأمر للتهديد والوعيد، ولكن الصراخ هدأ بينهم بمرور رجل بجانبهم، يبدو عليه هيئة الوقار, وسألهم عن أمر صراخهم،وتطوع لمساعدتهم في حل مشاكلهم، فقال الأصلع جلسنا وتحدينا بعضنا، في من هو أغبى الموجودين ؟
وكل واحد منا روى سبب عاهته، وبعد ذلك اختلفنا، لأن كل
واحد منا يعتبر نفسه هو الأول في الغباء، فقال الرجل المصلح هل تستطيع أن تروي لي
قصتك ؟ ومن بعد ذلك أسمع حكاية الآخرين، لأحكم بينكم فيما اختلفتم فيه.
فقال الأصلع : عملت من نفسي ميتاً
لأن زوجتي تصرفت بجزء مما اشتريته من رأس شاة وأربعة أطراف لها، لأنها عندما قدمت
لي الطعام وجدت الرأس وطرفين فقط، وعندما سألتها عن الطرفين المفقودين، أنكرت
وقالت لم تشتر إلا رأساً وطرفين، وأصرت هي على موقفها وأصررت أنا على موقفي،
وعندما وضعوني في القبر، ووضعوا شطيحة فوق رأسي، مر الجزار وسأل من الميت فقالوا
له فلان، فقال لقد اشترى من عندي البارحة رأس شاة وأربعة أطراف، وعندما سمعته يقول
ذلك، نهضت بقوة لكي أقول لزوجتي أنك كاذبه، ولكن ضُربت رأسي بالشطيحة الصخرية
فسببت لي الصلع.
ثم قال الأعور: كنت نائماً انا
وزوجتي في الفراش ونسينا الباب مفتوحاً، فقلت لها انهضي واغلقي الباب ولكنها رفضت
وقالت انهض أنت، ولم تنهض هي ولم أنهض أنا، وكان الشرط بيننا، أن الذي يتحدث اولاً
هو من سيغلق الباب، ولم يمض وقت طويل حتى دخل ضبع البيت والتهم ساقي ولم أتحرك ولم
أنطق بكلمة، ولكن زوجتي نطقت وقالت تحرك قبل أن يلتهمك كلك، فقلت لها قومي فاغلقي
الباب.وقال الأعور كنت نائماً على ظهري والمطر يهطل بغزارة، مما سبب سقوط نقط
متتالية في عيني، فتخيلت عيني وعاء، وبقيت على وضعي حتى انقطع المطر وانقطعت نقاط
الماء ولكن عيني كانت قد ذهبت.
فقال لهم الرجل : كل عمل يقوم به
الانسان لايقدم نفعاً له أو للمجتمع الذي يعيش فيه، هو بالأصل معدوم، لأنه شرٌ
نابع عن تصرف حيواني، والحيوان عندما يخرج عن طوع صاحبه، لا يمكن ترويضه إلا بالعصا
التي تسلخ ظهره، وبهذه العصا يمكن ترويضكم.
أعود للعنوان، وأقول لكل فئات
المعارضة السورية وبشتى أشكالها وأنواعها وتطلعاتها
قبل الثورة كان الصراع الذي يدور
بينكم، على لاشيء وليس موجوداً، كصراع الثلاثة مع الوهم أو العند أو الغباء، وبعد
الثورة بقي الصراع نفسه، ولكن أُضيف له صراع جديد، الصراع على السلطة، والسلطة ليست
بيد أحد منكم، فيكون الصراع على ذلك صراع وهمي يتخذ مسارين، الأول أنكم أنتم لا وجود
لكم، والسلطة لا وجود لها فهي في يد الغير، بينما الصراع في الداخل يقابله صراع
وجود بين نظام مجرم قاتل يريد أن يبق في مكانه ويستميت في الدفاع من أجل البقاء،
وشعب ثائر مظلوم يقابل إجرام النظام بتحد منقطع النظير ، ويمكن الحكم على الطرفين
أنهما موجودان، وبالتالي فإن الفعل سينتج عنه وجوداً آخر يسعى إليه كل فريق،
والمنتصر حتماً هو العمل الذي يكون فيه خير للجميع (فكل عمل يقدم ليس فيه خير
للمجتمع،فلا يمكن تصنيفه على أنه عملاً أخلاقياً ).
وحتى تثبت المعارضة أنها موجودة
بالفعل، يتوجب عليها أن تتجه بكتلة واحدة، نحو هدف يثبت لها وجودها، ولا يمكن أن
تكون موجودة، مالم يسقط النظام الحاكم في سوريا.
فعندما تثبت المعارضة أنها موجودة
بالفعل، عندها يمكننا القول أن النظام قد سقط بكامل كيانه.
د.عبدالغني حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق