لقد استبشر
السوريون عامة, والمعارضة خاصة, بمبادرة عنان, وعلى أنها ستكون عاملاً من عوامل
حفظ الدم السوري, والوقوف إلى جانب مظلمته, التي فاحت روائحها في كل مكان, وانتشرت
في كل زاوية, وما عادت تخفى على القاصي والداني, بل ربما الذين في مجاهيل الأرض
صاروا يعرفون الجرائم التي يرتكبها النظام بحق هذا الشعب السوري.
الأصل في مبادرة
عنان, أنها تعمل على حل القضية, للوصول إلى رحيل النظام, وتبدأ من وقف القتل,
وحماية المتظاهرين, حيث إن نص المبادرة تضمن حرية التظاهر, ودخول لوسائل الإعلام,
لتغطية الحدث من الداخل, مع وصول آمن للمساعدات الإنسانية, إلى غير ذلك من بنود,
تنص عليها مبادرة عنان.
فما الذي حدث؟
الذي حدث, أنه
بمجرد دخول المراقبين, وبدء حراكهم, في الداخل إذا بالأمر يزداد سوءاً, والأوضاع
تصاب بحالة من التدهور غير العادي وعلى كل الصعد, القتل تضاعف, الهجرة من المدن
والقرى تزداد, الهدم للمنازل, الحرق للمحال التجارية والمزارع, القصف الذي صار ممنهجاً,
الاعتقالات كثرت, رغم أن المبادرة تؤكد على ضرورة إطلاق سراح كل المعتقلين بسبب
الأحداث.
فأي مراقب ينظر
إلى سير تطبيق هذه المبادرة؛ يصاب بالدهشة, ويصيبه دوار الحيرة من هذه المبادرة,
وكيف تمضي, وإلى أين سوف تصل.
حقاً, إن
المبادرة تمضي في الاتجاه المعاكس, الذي رسمته لنفسها, وتعود على ذاتها بالادانة
والابطال, ولا أدري أين وجه هؤلاء الذين وافقوا عليها, وأيدوها ودعموها, وهم
يرونها بهذه الحالة المزرية, والصورة المؤسفة؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
هل غاب العقل؟ أم
أن الحياء فقد؟ أم أن المراد من المبادرة هو هذا فعلاً؟
ولصالح من؟
الواقع, أن
المسألة جد محيرة, وعلى الذين خططوا للمبادرة وصنعوها, أن يكونوا واضحين, ويتمتعوا
بشفافية عالية, ويقولوا للناس حقيقة الأمر وبصوت مرتفع, لأن هذا الذي يحصل, من
المتناقضات, التي لو أردنا أن نؤلف عنها كتاباً, فلا أشك لحظة, أن مبادرة عنان
ستكون في أول القائمة من هذا الكتاب.
عرف العرب لغة
الأضداد, فيقولون عن المريض, أنه سليم, وعن الصحراء المهلكة, أنها مفازة, وعن
الأعمى, أنه البصير, وهكذا.
ويظهر أن مبادرة
عنان على نفس الإيقاع, فتريد المبادرة وقف القتل, فإذا به يزداد, ويقولون بضرورة
إخراج المعتقلين, فإذا بهم صاروا أضعافاً مضاعفة, ووووإلخ.
صارت المبادرة
فضيحة, وأشعر أنها ماتت, بفعل أصحابها, وغسلت, وأدرجت الكفن, وبقي لها قليل وتدفن.
إن الذي يشجع
النظام على الجرائم التي يرتكبها, هو التعاطي مع المبادرة, وليس المبادرة, وإن
طريق التطبيق للمبادرة, هو الجريمة, وإن التعامل العملي مع المبادرة, بهذه الروح,
هو الكارثة, إن هذه الروح الباردة, التي يتعامل بها أصحاب المبادرة, هي الطامة.
لسان حالهم يقول:
اقتل يا بشار, ونحن نتفرج. اذبح ونحن نندد, دمر المدن
وسنكون من
المحذرين المنذرين, احرق وسوف يسمع العالم صياحنا.
لو كانت هناك
إرادة حقيقية, ورغبة أكيدة, في تطبيق المبادرة, من قبل الذين صنعوها, لكان الأمر
على غير هذه الشاكلة, ولكانت صورة الواقع السوري, على خلاف ما نرى ونسمع, وفي هذا
المعنى, كتب الأمريكي تشالز كروثامر, بصحيفة الواشنطن بوست, مبيناً, أن الموقف
المتخاذل ليس سببه نقص المعلومات (إرسال مراقبين) أو بسبب نقص في التنسيق, بين
الوكالات, ولكنها جاءت نتيجة لعدم توفر الإرادة.
فعلاً وبجد, إن
مبادرة عنان, في إطارها العملي, تأكيد صارخ على غطائية المهل, التي تمنح للنظام,
لمزيد من الفجور, ولكثير من زيادة القتل فهل من مدكر؟؟؟!!!!
والشعب السوري,
ماض في ثورته, مصمم على الاستمرار, في طريق الحرية, مهما كلفه ذلك من ثمن, وأحسن
هذا الشعب الأبي, الذي جعل شعاره, من أول الثورة( يا الله ما إلا غيرك يا الله).
والنصر قريب بإذن
الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق